|

30 جمادى الأول 1446 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

 


الخطبة الأولى:

عِبَادَ اللهِ، كَانَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا؛ حَيْثُ كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهَا وَيَتَحَرَّى لَيْلَةَ الْقَدْرِ خِلَالَهَا؛ فَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "كَانَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَشَدَّ مِئْزَرَهُ وجَدَّ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

كِنَايَةٌ عَنِ الاِسْتِعْدَادِ لِلْعِبَادَةِ وَالْاِجْتِهَادِ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى الْمُعْتَادِ. وَقَدْ يَكُونُ كِنَايَةً عَنْ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ وَتَرْكِ الْجِمَاعِ، وَاغْتِنَامِ الْأَزْمِنَةِ الْفَاضِلَةِ. 

فَيَنْبَغِي عَلَى الْمُسْلِمِ الجِدُّ وَالْاِجْتِهَادُ فِي عِبَادَةِ اللهِ، وَأَلَّا يُضَيِّعَ سَاعَاتِ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي فِي اللَّهْوِ وَالْعَبَثِ، أَوْ جَوْبِ الْأَسْوَاقِ؛ فَإِنَّ الْمَرْءَ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ لَا يُدْرِكُهَا مَرةً أُخْرَى، بِاخْتِطَافِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ، وَمُفَرِّقِ الْجَمَاعَاتِ، فَحِينَئِذٍ يَنْدَمُ حَيْثُ لَا يَنْفَعُ النَّدَمُ. 

وَمِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْعَشْرِ؛ وُجُودُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِيهَا، وَهِيَ لَيْلَةٌ عَظِيمَةٌ، قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر: 1-3]، قَالَ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ). 

وَقَدْ خَصَّ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِخَصَائِصَ: 

1- مِنْهَا أَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا الْقُرْآنُ: جُمْلَةً وَاحِدَةً، مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ مِنَ السَّمَاءِ الدَّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ مُفَصَّلاً بِحَسَبِ الْوَقَائِعِ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، عَلَى رَسُولِ اللهِ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. 

2- وَصْفُهَا بِأَنَّهَا خَيرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ).

3- وَوَصْفُهَا بِأَنَّهَا مُبَارَكَةٌ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) [الدخان: 3].

4- يَكْثُرُ تَنَزُّلُ الْمَلَائِكَةِ فِي هَذِه اللَّيْلَةِ؛ لِكِثْرَةِ بَرَكَتِهَا، قَالَ تَعَالَى: (تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) وَالرُّوحُ: هُوَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَقَدْ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِشَرَفِهِ.

5- وَهِيَ لَيْلَةٌ سَالِمَةٌ، لَا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا سَوَءاً، أَوْ يَعْمَلَ فِيهَا أَذًى، وَتَكْثُرُ فِيهَا السَّلَامَةُ مِنَ الْعِقَابِ وَالْعَذَابِ؛ لما يَقُومُ به الْعِبَادُ مِنْ طَاعَةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.

6- يَغْفِرُ اللهُ –تَعَالَى- لِمَنْ قَامَهَا إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). 

وَمَعْنَى: "إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً" أَيْ: تَصْدِيقاً بِوَعْدِ اللهِ بِالثَّوَابِ عَلَيْهِ، وَطَلَباً لِلْأَجْرِ لَا لِقَصْدٍ آَخَرَ مِنْ رِيَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ. 

7 – وَمِنْ عَظَمَتِهَا أَنَّ اللهَ –تَعَالَى- أَنْزَلَ فِي شَأْنِهَا سُورَةً تُتْلَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَ فِيهَا شَرَفَ هَذِهِ اللَّيْلةِ، وَعِظَمَ قَدْرِهَا، قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [سورة القدر].

فالْعِبَادَةِ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَهَذَا فَضْلٌ عَظِيمٌ، وَفِي هَذَا تَرْغِيبٌ لِلْمُسْلِمِ وَحَثٌّ لَهُ عَلَى قِيَامِهَا، وَابْتِغَاءِ وَجْهِ اللهِ بِذَلِكَ، وَلِذَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَيَتَحَرَّاهَا؛ مُسَابَقَةً مِنْهُ إِلَى الْخَيْرِ، وَهُوَ الْقُدْوَةُ لِلْأُمَّةِ. 

وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ، وَفِي أَوْتَارِ الْعَشْرِ آَكَدُ، لِحَدِيث عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: "تَحَرُّوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوَتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

وَرَجَّحَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا تَتْنَقِلُ كُلَّ عَامٍ، وَلَيْسَتْ فِي لَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ، قَالَ النَّوَوِي -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ لِتَعَارُضِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ، وَلَا طَرِيقَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ إِلَا بِانْتِقَالِهَا".

 وَإِنَّمَا أَخْفَى اللهُ –تَعَالَى- هَذِهِ اللَّيْلَةَ لِيْجَتَهِدَ الْعِبَادُ فِي طَلَبِهَا، وَيَجِدُّوا فِي الْعِبَادَةِ، كَمَا أَخْفَى سَاعَةَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا.

عِبَادَ اللهِ: يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَيَّامِ وَلَيَالِي هَذِهِ الْعَشْرِ فِي الدُّعَاءِ وَالتَضَرُّعِ إِلَى اللِه. قَالَتْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؛ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: "قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" (رَوَاهُ التِّرمذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ). 

والْعَلَامَاتُ الَّتِي تُعْرَفُ بِهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ؛ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ:

الْعَلَامَةُ الْأُولَى: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ صَبِيحَتَهَا لَا شُعَاعَ لَهَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

الْعَلَامَةُ الثَّانِيَةُ: إِنَّ "لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةٌ سَـمِحَةٌ طَلْقَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، تُصْبِحُ الشَّمْسُ يَوْمَهَا حَمْرَاءَ ضَعِيفَةٌ" (رَوَاهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَزِيَادَاتِهِ).

الْعَلَامَةُ الثَّالِثَةُ: إِنَّهَا صَافِيَةٌ بَلْجَةٌ، كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا سَاطِعًا، سَاكِنَةٌ سَاجِيَةٌ، لَا بَرْدَ فِيهَا وَلَا حَرَّ، وَلَا يَحِلُّ لِكَوْكَبٍ أَنْ يُرْمَى بِهِ فِيهَا حَتَّى تُصْبِحَ، وَإِنَّ أَمَارَتَهَا أَنَّ الشَّمْسَ صَبِيحَتَهَا تَخْرُجُ مُسْتَوِيَةً لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَا يَحِلُّ لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا يَوْمَئِذٍ " (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ فِي بَيَانِ الْعَلَامَاتِ الدَّالَةِ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا عَدَاهَا مِنْ عَلَامَاتٍ لَا تَصِحُّ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ …… فَاِتَّقُوا اللهَ – عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .

عِبَادَ اللهِ، وَمِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ عَمَلُهَا فِي هَذِهِ الْعَشْرِ؛ الْاِعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ، وَسُنِّيَّةُ الْاِعْتِكَافِ فِيهَا؛ لِزِياَدَةِ فَضْلِهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ أَيَّامِ السَنَةِ. 

وَالْاِعْتِكَافُ: لُزُومُ الْمَسْجِدِ لِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَعْتَكِفُ هَذِهِ الْعَشْرَ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ ثُمَّ الْوَسَطَ، ثُمَّ أَخْبرَهُمْ أَنَّهُ كَانَ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَأَنَّهُ أُرِيهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَقَالَ: "مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِيَ فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ). 

وَعَنْ عَاِئَشةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَاهُ اللهُ تَعَالَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 وَكَانَ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ -رَحِمَهُمُ اللهُ-: يَدْخُلُ الْمُعْتَكِفُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الْعِشْرِينَ. وَأَوَّلُوا حَدِيثَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي صَبِيحَةِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ؛ عَلَى أَنَ الْمُرَادَ أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكِفَ، وَانْقَطَعَ وَخَلَا بِنَفْسِهِ بَعدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ ابْتِدَاءِ الْاِعْتِكَافِ

وَيُسَنُّ لِلْمُعْتَكِفِ الْاشْتِغَالُ بِالطَّاعَاتِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) [البقرة: 187]، وَلَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِحَاجَةٍ لَا بُدَّ مِنهَا. فَعَلَى المُسْلِمِ؛ أَلَّا يُفَوِّتَ فُرْصَةَ الاِعْتِكَافِ، وَلَوْ فِي رَمَضَانَ وَاحِدٍ، أَوْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي عُمْرِهِ.

وَصَلُّوا عَلَى نَبِينَا مُحَمَّدٍ..

الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ,وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا,لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى،وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى،الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ،الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ،وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ،الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ،«اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ». اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ،وَأَوْلَادَهُمْ،وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ،وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ،وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ…