|

18 شوّال 1445 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

الْخُطْبَةُ الْأُولَى: 

عِبَادَ اللهِ، هَا هِيَ الأَنْفُسُ تَشْرَئِبُّ، وَالْقُلُوبُ تَـخْفِقُ، والأَنْفُسُ الزَّكِيَّةُ تَـهْفُو تَنْتَظِرُ قُدُومَ الشَّهْرِ الْعَظِيمِ، الَّذِي فَرَضَ اللهُ عَلَيْنَا صِيَامَهُ، وَجَعَلَهُ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ دِينِنَا الْعَظِيمِ؛ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) .

حَيْثُ خَاطَبَ اللهُ بِـهَذِهِ الآيَةِ أَهْلَ الإِيـمَانِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّـهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَسْتَجِيبُونَ لأَمْرِ اللهِ.

 وَجَعَلَ مِنْ ثِـمَارِ الصِّيَامِ التَّقْوَى؛ لِأَنَهُ يَقِيَ الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ.

وَمِنْ ثِـمَارِهِ العَظِيمَةِ أنْ يَعْرِفَ الإِنسَانُ نِعمَةَ اللهِ عليهِ؛ فَهُوَ طُوَالَ دَهْرِهِ يَأكُلُ وَيَشْرَبُ، وَيَأتِي أَهْلَهُ مَتَـى شَاءَ، فَلا يَشْعُــرُ بِالحرْمَانِ مِنْ هَذِهِ النَّعَمِ، وَلَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا؛ إِلَّا مَنْ حُرِمَ مِنْهَا. فَعِنْدَمَا يُـحْرَمُ مِنْهَا سُوَيْعَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ لِـمُدَّةِ شَـهْرٍ؛ يَعرِفْ قَدْرَهَا، وَيَشْكُرِ اللهَ عَلَيْهَا.

وَمِنْ ثِـمَارِهِ أَنَّ الإِنسَانَ قَدْ لَا يَشْعُرُ بِـحَاجَةِ الْفُقَرَاءِ والْمَسَاكِيـنِ، وَلَا يَعْرِفُ أَثَرَ الْـجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَرُبَّـمَا قَادَهُ ذَلِكَ إِلَى الْبُخْلِ وَالشُّحِّ، وَإِهْمَالِ الْمُحْتَاجِيـنَ، أَوِ التَّغَافُلِ عَنْهُمْ؛ لِكُونِهِ طُوُالَ دَهْرِهِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَإِذَا حُرِمَ مِنَ الطِّعَامِ وَالشَّرَابِ سُوَيْعَاتٍ فِي الْيَوْمِ مُدَّةَ شَهْرٍ كَامِلٍ؛ شَعَرَ بِـمُعَانَاتِـهِمْ؛ فَقَادَهُ ذَلِكَ إِلَى الْعَطْفِ عَلَيْهِمْ، والإِحْسَانِ إِليهِمْ. وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا تَقِيٌّ. فَالصَّوْمُ يَقُودُ الْمُؤْمِنَ لِلتَّقْوَى.

عِبَادَ اللهِ، هَا هُوَ الشَّهْرُ الْعَظِيمُ يُقْبِلُ عَلَيْنَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- يُـخْبِـرُ أَصْحَابَهُ بِقُدُومِهِ بِقَوْلِهِ:" قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا، فَقَدْ حُرِمَ " (رَوَاهُ أَحْـمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).  

فَالشَّيَاطِيـنُ فِي هَذَا الشَّهْرِ لَا يَـخْلُصُونَ فِيهِ مِنْ إِفْسَادِ النَّاسِ إِلَى مَا يَـخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْـرِهِ، وَذَلِكَ بِـحِفْظِ اللهِ لَـهُمْ، وَانشِغَالِـهِمْ بِقِرَاءَةِ القُرآنِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَقَمْعِهِمْ للشَّهَوَاتِ. فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ هَذَا الشَّهْرَ العَظِيمَ بِالفَرَحِ، والسُّرُورِ، والْغِبْطَةِ، وَشُكْرِ اللهِ الْعَظِيمِ؛ أَنْ نَسَأَ فِي عُمْرِهِ حَتَّـى بَلَّغَـهُ شَهْرَ رَمَضَانَ، الَّذِي أَكْثَرَ اللهُ فِيهِ مِنَ الْبَـرَكَاتِ.

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ للصِّيَامِ فَضَائِلَ عَظِيمَةً، وَمِنْ ذَلِكَ قَولُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ»، وَفي الصَّحِيحِ أَنَّهُ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ" وَمَعْنَـى "جُنَّةٌ" كَمَا جَاءَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ: "حِصْنٌ حَصِيـنٌ مِنَ النَّارِ".

وَمِنْ فَضَائِلِ رَمَضَانَ: 

- إِنَّ اللهَ اِحْتَفَظَ بِأَجْرِ الصَّائِمِ لِنَفْسِهِ، فَجَاءَ فِي الْـحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ). 

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: " لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ " (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

وَفِي حَدِيثٍ عَظِيمٍ قَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: " الصَّائِمُ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ، صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ " (رَوَاهُ أَحْـمَدُ وَغَيْـرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ). 

وَلَعَلَّ ذَلِكَ لأَنَّهُ جَاهَدَ نَفْسَهُ، مَعَ وُجُودِ الْمُفْطِرِينَ أَمَامَهُ، وَذَلِكَ كَمَنْ يَصُومُ صِيَامَ النَّفْلِ، أَوْ يَصُومُ الْفَرْضَ، وَيُفْطِرُ عِنْدَهُ أَهْلُ الأَعْذَارِ، وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمِ الَّذِي يَصُومُ فِي بِلَادِ الْكُفْرِ، وَلَا يُرَاعُوْنَ حُرْمَةَ الصِّيَامِ؛ فَمُجَاهَدَتُهُ لِنَفْسِهِ أَعْظَمُ مِنْ مُـجَاهَدَةِ غَيْـرِهِ؛ فَكَانَ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ هَذَا الأَجْرِ الْعَظِيمِ.

وَمِنْ فَضَائِلِ الصِّيَامِ كَمَا فِي الْـحَدِيثَ: "لِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ" (رَوَاهُ التِّـرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

 وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ). 

وَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ فِي نَفْسِهِ فِي رَمَضَانَ، وَأَنْ يُنَزِّهَهَا عَنِ اللَّغَطِ وَالْمُشَاتَـمَةِ، وَمَا لَا يَلِيقُ بِهِ؛ لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: " الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ " (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

وَلِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَـجْتَنِبَ الْمَعَاصِي، كَمُشَاهَدَةِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَإِطْلَاقِ الْبَصَرِ فِي الْفَضَائِيَّاتِ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مُشَاهَدَتِهِ، وَأَنْ يَرُدَّ الْمَظَالِـمَ إِلَى أَهْلِهَا، وَأَنْ يَغْتَنِمَ هَذَا الشَّهْرَ بِالْبِـرِّ بِوَالِدَيْهِ أَمْوَاتًا وَأَحْيَاءً، وَأَنْ يَصِلَ رَحِـمَهُ، وَأَنْ يَتَعَاهَدَ الْفُقَرَاءَ، وَالْمَسَاكِيـنَ، وَالْمُحْتَاجِيـنَ، مِنْ أَقَارِبِهِ وَجِيـرَانِهِ، وَعُمُومِ الْمُسْلِمِيـنَ، وَأَنْ يَعْطِفَ عَلَى الأَيْتَامِ.. 

جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ بِالْبَـرَكَاتْ *** فَأَكْرِمْ بِهِ مِنْ زَائِرٍ آتْ

جَعَلَنِـي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ المقبولِينَ، ونَفَعَنِـي وَإِيَّاكُمْ بِالقرآنِ العظيمِ.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. 

عِبَادَ اللهِ، اِعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُقْبِلُونَ عَلَى شَهْرٍ تُقَالُ فِيهِ الْعَثَرَاتُ، وَتُـجَابُ فِيهِ الدَّعَوَاتُ، وتُرْفَعُ فِيهِ الدَّرَجَاتُ، وَتُضَاعَفُ فِيهِ الْـحَسَنَاتُ، وَتُـمْحَى فِيهِ السَّيِّئَاتُ؛ فَأَحْسِنُوا الاِسْتِعْدَادَ لَهُ، وَتَـخَلَّصُوا مِنْ مَشَاغِلِ الدُّنْيَا قَبْلَ دُخُولِهِ، فَلَوْ فَرَّغَ النَّاسُ أَنْفُسَهُمْ هَذِهِ الأَيَّامِ قَبْلَ دُخُولِ الشَّهْرِ الْفَضِيلِ، وَأَنْـهَوا مَا قَدْ يَشْغَلُهُمْ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ؛ لَكَانَ خَيْـرًا لَـهُمْ. 

فَهُنَاكَ مَنْ يَقْضِي لَيَالِ رَمَضَانَ يَـجُوبُ الأَسْوَاقَ، إِمَّا للاِسْتِعَدَادِ للأَعْيَادِ، وَإِمَّا لِقَضَاءِ الأَوْقَاتِ بِالتَّسْلِيَةِ؛ أَوْ فِي السَّهَرِ عَلَى الْمُبَاحَاتِ، أَوِ الْمَكْرُوهَاتِ، أَوِ الْـمُحَرَّمَاتِ؛ فَلَمْ يُرَعُوا للشَّرْعِ حُرْمَتَهُ، وَقَدْ يَقُودُهُمْ هَذَا السَّهَرُ إِلَى التَّــفْـرِيطِ فِي صَلَاتيِّ الظُّهْرِ والْعَصْرِ، وَهَذَا مُنْكَرٌ عَظِيمٌ؛ فَالصَّلَاةُ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الصِّيَامِ، وَلَيَالِي رَمَضَانَ لَيْسَتْ لِلَّهْوِ وَالْعَبَثِ، بَلْ لِتَـرْوِيضِ النَّفْسِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَإِحْيَاءِ لَيْلِهِ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ. 

وَلَيْلُ رَمَضَانَ أَعْظَمُ فَضْلًا مِنْ نَـهَارِهِ؛ فَفِيهِ صَلَاةُ التَّـرَاوِيحِ، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فِي لَيَالِيهِ أَعْظَمُ مِنْ نَـهَارِهِ؛ لِذَا "كَانَ جِبْـرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَلْقَى رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ؛ يُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ" (رَوَاهُ أَحْـمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

 كَذَلِكَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَلَّا تَـجْعَلَ جُلَّ وَقْتِهَا فِي رَمَضَانَ لِلتَّفَنُّنِ فِي صِنَاعَةِ الطِّــعَــامِ وَالإِسْرَافِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ تُؤْجَرُ عَلَى صُنْعِ الطَّـعَـامِ لأَهْلِ بَيْــتِــهَا؛ لَكِنْ عَلَيْهَا الْـحَذَرَ أَنْ تَنْشَغِلَ بِالطَّبْخِ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَطَاعَتِهِ، أَوْ أَنْ تُسْرِفَ فِي الطَّعَامِ الَّذِي تُقَدِّمُةُ لأَهْلِ بَيْتِهَا؛ فَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْ كُلِّ طَـعَـامٍ لَا يُؤْكَلُ. وَأَنْصَحُهَا بِالاِسْتِعْدَادُ لِلْعِيدِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ؛ حَتَّـى لَا تَنْشَغِلَ فِيهِ عَنِ الطَّاعَةِ.

كَمَا عَلَيْنَا اِسْتِغْلَالُ هَذَا الشَّهْرِ بِالدَّعَاءِ، لِأَنْفُسِنَا، وَوَالِدِينَا، وَذَرَارِينَا، وَأَصْحَابِنَا، وَأَحْبَابِنَا، وَلِلْمُسْلِمِيـنَ الَّذِينَ أَصَابَتْهُمُ النَّكَبَاتُ، وَشَرَّدَتْـهُمُ الْـحُرُوبُ، وَتَفَرَّقَ جَـمْـعُــهُمْ، وَتَشَتَّـتَ شَـمْلُهُمْ، وَفَقَدَ الْكَثِيـرُ مِنْهُمْ عَائِلَهُ، فَرَّجَ اللهُ عَنَّا وَعَنْهُمْ!