|

4 ذو الحجة 1446 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

الأكثر زيارةً

السلام عليكم نشأتُ تحت أبٍ عنيفٍ مارس علينا - أنا وإخوتي - أنواعًا مختلفة من الإيذاء النفسي والجسدي والعقلي؛ ضربٌ وإهانةٌ وسبٌّ ولعنٌ وتحقيرٌ دائم. زرع بداخلي كراهية النساء، وأنّ كُلّهنّ عاهرات، وكراهية الأهل والأقارب وقطيعة الرحم، وكراهية الناس والمجتمع بأسره، وغرس في قلبي النفاق والرياء والتملق والكذب، وأنّ الهدف الوحيد من الحياة هو جمع المال، وأمّا أمي فلا تقدر على كبح شروره. لكن تتدخل العناية الإلهية، فتعلمتُ مبادئ التوحيد والعقيدة في مرحلتي الابتدائية بأرض المملكة، على نهج المجدد محمد بن عبدالوهاب، ثم عدنا بعد ذلك إلى مصر. ومع بداية المراهقة، أدخلني مدارس النصارى، وأبعدني عن المسلمين بحجة فسقهم، والزمني بالنصارى بحجة صلاحهم، فعلّموني العادة السرية والإباحية والاستمناء، حتى أدمنتها إدمانًا شديدًا لا يزال قائمًا إلى اليوم، فصارت من أعظم الابتلاءات في حياتي على الإطلاق. ثم حصلت على حريتي في الجامعة، فارتكبتُ ما استطعتُ من سرقةٍ ونصبٍ وزنا وغير ذلك، وبدأتْ تظهر علينا الأمراض النفسية والعصبية، فهرع بنا أبي إلى عيادات الطب النفسي، وتنوعت الأمراض؛ بعضُنا بالفصام العقلي، وبعضُنا حاول الانتحار مرارًا، وكلنا خضعنا للعلاج بالأدوية النفسية، حتى أبي، إلا أنا، فقد رفضتُها تمامًا لإيماني العميق بأنّ صلاح النفس لا يكون إلا بالله فقط. ثم تتدخل العناية الإلهية للمرة الثانية، فتعرّفتُ على المنهج السلفي، ولزمته، ليبدأ أول صدامٍ عقائدي بيني وبين أبي، واتهامي بالتطرف والإرهاب، وذلك لميل أبي للتصوف، الذي كان ينتشر في بلدتنا المشهورة بالصوفية القبورية. بعد التخرج، حصلت على الحرية الكاملة، فانتكستُ مرة أخرى، وعدتُ إلى الزنا والمعاصي، وتذبذب الحال، حتى شارفتُ على الهلاك. ثم تتدخل العناية الإلهية للمرة الثالثة، فقررتُ الزواج أملًا في النجاة من إدمان الإباحية، واخترتُ أختًا ملتزمةً ظاهريًّا، مع معارضة أبي، لأنها ليست ذات مالٍ ولا منصب، فهجرني، وتزوجتُها رغمًا عنه. لكني فوجئتُ بجهلها الشديد بالدين والعقيدة، ومحاربتها لطاعتي، فحاولتُ إصلاحها، وأدخلتُها معهدًا شرعيًّا، لكن دون جدوى، وتمادتْ في تعلُّم قراءة القرآن بالقراءات والحفظ فقط، دون تفسيرٍ ولا فهمٍ ولا تطبيق، بينما انشغلتُ أنا بدراسة التوحيد والعقيدة والواقع السياسي والتاريخ الإسلامي، ووقفتُ على أن صلاح الأمة لا يكون إلا بصلاح العقيدة. ثم أصلحت علاقتي بأبي قبل وفاته، فمات وهو عني راضٍ، ولله الحمد. وبعد ثمان سنواتٍ من الزواج، لم ينصلح حالها قط، فازدادت حياتي اضطرابًا، وساءت نفسيتي، حتى كرهتُها، فدبّرتُ لها مسكنًا بعيدًا عني، وتركتُها هي وأطفالي، وسافرتُ لطلب الرزق ببلدةٍ أخرى، وازورهم بين الحين والآخر لتفقّد حالهم. ثم بدأتْ أكبر انتكاسةٍ في حياتي؛ حلقتُ لحيتي، وتركتُ القرآن والعلم، وأضعتُ الصلاة، ثم هجرتُها، ووقعتُ في الكبائر؛ ربا، شهادة زور، غيبة، نميمة، ولهثتُ خلف الزنا، حتى بلغتُ من الغواية أنّني دعوتُ الله أن ييسّر لي الزنا، لكنّ الله سدّ عني هذا الباب، وله الحمد. اشتدّت الأزمات؛ الفقر، الغربة، الضغط النفسي، ضاق صدري بشرع الله، وكنتُ أهرب إلى الإباحية يوميًّا، حتى أدمنتها، صارت مخدّري الوحيد، أهرب إليها من كل شيء. زادت المشاكل مع زوجتي، وتدخل أهل الخير، وفشلوا، وزاد الشقاق بين العائلتين، فقطعتُ صلتي بالجميع، حتى أمي، وعشتُ مرحلةً سوداء. لجأتُ لدراسة علم النفس الغربي، ولغة الجسد، والتنجيم، والأبراج، والتحليل النفسي، واستعملتُ ذلك في السيطرة على الناس، وإتقان الخداع، وزرع الخوف والشك، وإيذاء الآخرين، فما سلم مني أحد. اسودّ قلبي، فصرتُ أسبّ الذات الإلهية، وأعاتب الله على فقري وضيق حالي. كانت أمي تنهاني عن ذلك، وتدعوني إلى الرضا والتوبة، واقترحتْ عليّ الزواج بأخرى، معللةً بأنّ زوجتي الحالية لا تصلح أن تكون زوجةً صالحة، وشكَتْ لي من أذاها السابق، فيما خفي عني، لكني تغاضيت، وركّزت على إصلاح نفسي وأطفالي، وأعدتُ صلتي بأهلي، فازداد حقد زوجتي، وطالبتْ بالطلاق مرارًا، متهمةً أمي بأنها السبب في كل مشاكلنا. جرّبنا الصلح مرةً أخرى، وفشلنا، بسبب كِبر زوجتي وعناد أهلها، فهم لا يرون ابنتهم مخطئة قط. ثم بدأتْ تظهر بعض علامات العقوبة الإلهية؛ أمراض لي ولاطفالي، فدعوتُ الله بالشفاء، وشعرتُ بندم، وبدأتُ أرجع شيئًا فشيئًا. طلبتُ من زوجتي بعض العون المادي في أشد أزماتي، فبخلتْ عليّ وعلى أطفالنا، فأصبحتُ أدعو عليها بالمرض، فتمرض، فلا يُرفع عنها المرض، حتى أشفق عليها، فأدعو الله لها، فتُشفى، وجرّبتُ ذلك مرارًا وتكرارًا، فلا تنتهي. ثم مَنّ الله عليّ مؤخرًا ببداية توبةٍ جديدة؛ عدتُ فيها إلى الصلاة وذكر الله، وبدأتُ أستعيد روحي وهويتي شيئًا فشيئًا، لكنّ الخوف يملأ قلبي، أخاف التقلب، فقد أدركتُ طبيعتي المزاجية؛ إن أطلقتُ لحيتي اليوم ربما حلقتها غدًا، وإن قصّرتُ ثوبي الآن ربما أسبلته لاحقًا، وهكذا، كأنني أعبد الله على حرف؛ إن أصابه خير وإن أصابته فتنة. أعيش بلا رفقةٍ صالحة، ولا أهلٍ يعينون، ولا وقتٍ أجد فيه سعيًا لحلقةٍ أو علم، فأنا بين عمل وسفر وأولاد، وأمي وإخوتي، وزوجةٍ أحتملها من أجل أطفالي، وأعلم أن الشيطان يفرح بالطلاق، ولا أريد أن أكون عونًا له، ولا أريد زوجةً أخرى، إنما أريد إصلاح نفسي ما استطعت. أرجو منكم تشخيص حالي، ونقاط ضعفي، وسبب تقلّباتي وانتكاساتي وتذبذب التزامي وتشتّت قلبي، وأرجو منكم سبيلًا إلى الثبات، فما بقي من عمري إلا القليل، وأخشى خاتمة السوء. لا أريد مصطلحات علم النفس، ولا تحليل أكاديميّي الغرب، إنما أريد تشخيصًا ربانيًّا من أهل الله والبصيرة، ممن يعرفون أمراض القلوب، ويكشفون دخائل النفوس، على عقيدة أهل السنة والجماعة. جزاكم الله عني خير الجزاء، وأعتذر عن الإطالة