ركب أحد الخليجيين في مصعد، وكان معه أحد سكان العمارة وزوجته وطفل رضيع، فأراد أن يُزيل الوحشة بينه وبينهم، ويقدم لهم الصورة الحسنة عن المسلمين وتسامحهم ، فطبع قبلة ملئت بالحب والرحمة على جبين طفلهما الرضيع، وكأني به قد استحضر قول شوقي:
أَحبِب الطِفلَ وَإِن لَم يَكُ لك إنما الطفلُ على الأرض ملـك
هو لُطف الله لو تعلمُــــــهُ رَحِمَ اللهُ امرأ يَرحَمُــــــــــه
عطفةٌ مِنهُ على لُعبَتِــــــهِ تُخرجُ المَخزُونَ مِن جُعبَتِـــــهِ
وحديثٌ ساعة الضِيقِ مَعَه يَملأُ العَيشَ نَعِيماً وسَعَـــــــــه
ثم اتجه إلى شقته، وما هي إلا دقائق وإذ ببابها يُطرقُ بعنف، أصابه بالهلع، وفوجئ بأن الطرق من قبل قوات الأمن، التي قادته مقيدا، وهو لا يدري ما جرمه؟! وعندما وقف أمام المحقق في مخفر الشرطة فوجئ بأن جرمه الذي اتهم به ”التحرش الجنسي بالطفل الرضيع”؟! حاول أن يشرح لهم دوافع التقبيل، وأنه خلق كريم تعارف عليه أهل الإسلام مع الأطفال، وأن ما اتهم به لا يخطر في عقله البتة، ولكن دونما جدوى، فاستنجد ببعض رفاقه، فهبوا مسارعين لنجدته، وشرحوا للمحقق ثقافة أهل الإسلام في تقبيل الأطفال، فقرب وجهات النظر، وأقنع الأم بالتنازل قبل رفعها للقضاء، فوافقت بشرط الحصول على مبلغ يعادل نصف مليون ريال سعودي، تم دفعها على الفور. (هذه القصة اطلعت على حقيقتها) هذه القصة وأمثالها تجعل المسلم على حذر إذا سافر إلى الغرب، بحيث يعرف العادات والتقاليد، فليس ما هو مقبول عندنا مقبول عندهم، وعليه معرفة المسائل القانونية فيعرف ما له وما عليه, فبعض أهل الإسلام يسارعون بتقبيل أطفال الغرب في الغابات والأسواق ويحملونهم ويمازحونهم، وفي ظنهم أنهم يقدمون رسالة سامية، فتعرض الكثير منهم للسجن والطرد والإبعاد، فمراعاة الأمور الظاهرة لا يحرمها الإسلام، بل قد يوجبها، وقد تنبه العالم الرباني شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – لمثل هذه الأمور: ”ومثل ذلك اليوم: لو أن المسلم بدار حرب، أو دار كفر ليس حرب، لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر، لما عليه في ذلك من الضرر، بل يستحب للرجل أو يجب عليه، أن يشاركهم أحيانا في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية: من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمورهم لإخبار المسلمين بذلك، أو دفع ضررهم عن المسلمين، ونحو ذلك من المقاصد الصالحة. الاقتضاء ص 282.
فكلامه – رحمه الله – يدل على أن للمسلم أن يقتدي بهديهم الظاهر كاللباس، طالما هنالك ضرر عليه نفسي أو معنوي ، فكيف بترك أمر ليس بواجب في الإسلام، كترك تقبيل الأطفال وملاعبتهم، طالما أن في هذا إيذاء وإزعاج لأهليهم وسوء ظن، فالمسلم ليس ملزما بأن يجبرهم على عاداته، فلكل بلد ثقافته، وفي النهاية أتمنى من أبناء بلادنا أن يطلعوا على النشرات الصادرة من الخارجية السعودية ومن الملحقيات الثقافية عن عادات شعوب المجتمعات الأخرى وأنظمتهم، وما له وما عليه.
(شكرا للفرسان)
خدمات الفرسان المقدمة من ”الخطوط السعودية” استطاعت أن تختصر فارق الزمن، فتقدمت تقدما مذهلا، ورقت في خدماتها، وخاصة في جدة والرياض، والدمام والمدينة، وما زالت تقدم المزيد، وهذا بفضل الله ثم بجهود مسؤولي الخطوط بدءا من معالي الأستاذ خالد الملحم، والأساتذة: حسين القميري، يوسف عطية، هشام القاضي، وعبد الله الفوزان، فإلى الأمام, ولنا لقاء.
قاله وكتبه:أبوعبد الإله الدكتور/صَالحُ بْنُ مُقبِلٍ العُصَيْمِيَّ التَّمِيمِيِّ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
والمشرف العام على موقع الشيخ صالح بن مقبل العصيمي التميمي
تويتر، وفيس بوك DrsalehAlosaimi@
الرياض - ص.ب: 120969 - الرمز: 11689
فاكس وهاتف: 012414080
البريد الإلكتروني: s555549291@gmail.com