إِنَّ مِمَّا يُثِيرُهُ أَعْدَاءُ اللهِ الَّذِينَ مَا زَالُوا يَعْتَرِضُونَ عَلَى أَحْكَامِهِ،وَيُشَاقُّونَهُ كَأَنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنهُ بِخَلْقِهِ، وَأَرْأَفُ مِنْهُ بِعِبَادِهِ،قَولُهُمْ:لِمَاذَا الْقَوَامَةُ لِلْرَّجُلِ؟ مُعْتَرِضِينَ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء:34]، وَالْقَوَامَةُ مَسْؤُولِيَّةٌ، وَهِي تَكْلِيفٌ،ومُغْرَمٌ؛فَمَنْ أَدَّاهَا بِحَقٍّ؛نَالَ الْمَغْنَمَ،وَمَنْ خَانَهَا،وَفَرَّطَ فِيهَا؛اِسْتَحَقَّ الْإِثْمَ وَالْمَقْصُودُ بِهَا الْقِيَادَةَ،وَالرِّعَايَةَ لِأَهْلِ الْبَيْتِ،وِفْقَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَا بِالتَّجَبُّرِ وَالاِسْتِبْدَادِ، هِيَ عِبْءٌ عَلَى الرَّجُلِ،حُمِّلَ إِيَّاهَا،لَيْسَ بِطِلَبٍ مِنْه،وَلَا اِخْتِيَارٍ؛ إِنَّمَا تَشْرِيعٌ إِلَهْيٌّ نَقُولُ إِزَائِهِ : (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا)،وَعِنْدَمَا نُنَاقِشُ الْقَوَامَةَ بِالْعَقْلِ؛ نَجِدُ أَنَّهُ لَاَبُدَّ لَكُلِّ مُجْتَمَعٍ مِنْ قَائِدٍ يُنَظِّمُهُ،وَهُوَ الْمَرْجِعُ؛فَالْبَلَدُ لاَبُدَّ لَهَا مِنْ حَاكِمٍ، وَالْمَنَاطِقُ لاَبُدَّ لَهَا مِنْ أَمِيرٍ، وَالْقُرَى وَالْمُدُنُ،لَابُدَّ لَهَا مِنْ قَائِدٍ ؛ بَلْ حَتَّى الرِّفْقَةُ فِي السَّفَرِ؛لاَبُدَّ لَهُمْ مِنْ أَمِيرٍ يَرْجِعُونَ إِلَيهِ؛حَتَّى تَنْضَبِطَ الْأُمُورُ،فَلَابُدَّ لَكُلِّ بَيْتٍ مِنْ قَائِدٍ، فَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِهَا،فَشُؤُونُ الْبَيْتِ،وَالتُّرْبِيَةُ وَمَسْؤُولِيَاتُهُمَا؛أَنِيطَتْ بِهَا،وَأُنِيطَتْ مَسْؤُولِيَّةُ إِعْطَاءِ الْإِذْنِ بِالْخُرُوجِ،وَالْقَوَامَةُ لِلرَّجُلِ؛حَتَّى لِا تَكُونَ الْأُمُورُ فَوْضَى،وَكَوْنُ الْإِذْنِ بَيْدِ الرَّجُلِ؛لَا غَضَاضَةَ فِيهِ،وَلَا اِنْتِقاصَ لِلْمَرْأَةِ،فَهَلْ يَجِدُ الْإِنْسَانُ غَضَاضَةً فِي الْاِسْتِئْذَانِ مِنْ رَئِيسِهِ فِي الْعَمَلِ؟فَالْاِسْتِئْذَانُ لِلْتَنْظِيمِ وَالتَّرْتِيبِ،حَتَّى تَنْضَبِطَ الْأُمُورُ، وَيَنْتَظِمَ الْعَمَلُ،وَتَزُولَ الْفَوْضَى،وَلاَبُدَّ لِلْبَيْتِ مِنْ قَائِدٍ : إِمَّا الرَّجُلُ، وَإِمَّا الْمَرْأَةُ،فَلَوْ كَانَتِ الْقَوَامَةُ لِلْمَرْأَةِ ؛ لَقَالُوا : ظُلِمُ الرَّجُلِ،فَلَنْ يُرْضِيَ أَعْدَاءَ اللهِ شَيْءٌ؛إِلَّا الْكُفْرَ وَالْمُحَادَّةُ لِلَّهِ؛ فَأَنَاطَ الْإِسْلَامُ الْمَسْؤُولِيَّةَ بِالرَّجُلِ؛لِأَنَّهُ الْأَقْوَى،وَالْأَقْدَرُ،وَلِأَنَّهُ الْمَسْؤُولُ عَنِ النَّفَقَاتِ،وَمِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء:34]، وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُغَلِّبُ الْجَانِبَ الْعَاطِفِيَّ، وَتَتَأَثَّرُ عِنْدَ تَأَثُّرِ الْأَطْفَالِ، فَقَدْ تَضْعَفُ أَمَامَ عَاطِفَتِهَا،بِعَكْسِ الرَّجُلِ الَّذِي يُغَلِّبُ الْعَقْلَ عَلَى الْعَاطِفَةِ . وَالْأَمْرُ أَوَّلًا وَآخِرًا يَرْجِعُ لِحُكْمِ اللهِ .
------------------------------------
قاله وكتبه:أبوعبد الإله الدكتور/صَالحُ بْنُ مُقبِلٍ العُصَيْمِيَّ التَّمِيمِيِّ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
والمشرف العام على موقع الشيخ صالح بن مقبل العصيمي التميمي
تويتر ، وفيس بوك DrsalehAlosaimi@
الرياض - ص.ب 120969 الرمز 11689
فاكس وهاتف : 012414080
البريد الإلكتروني
s555549291@gmail.com