|

17 شوّال 1445 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

 

الـخطبة الأولى

    إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... 

   فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .                                            

   عِبَادَ اللهِ: هَا هُوَ الْعِيدُ يَعُودُ، وَيُطِلُّ عَلَى الأُمَّةِ وَيَكْسُو الْمُسْلِمَ الْيَوْمَ فَرْحَةً عَظِيمَةً، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(للصَّائِمِ فرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ ) فَيُعَبِّرُ عَنْهَا الْمُؤْمِنُ بِاحْتِفَالِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْـمُبْهِجِ.

      عِبَادَ اللهِ: تَذَكَّرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْنَا بِأَنْ رَزَقَنَا  الأَمْنَ وَالأَمَانَ، بِإِقَامَتِنَا لِشَرْعِهِ، وَاِتِبَاعِنَا لِنَهْجِ نَبِيِّهِ ، عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ؛ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ دُعَاةِ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ ، الَّذِينَ يَسْعَوْنَ لإِبْدَالِ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالاِسْتِقْرَارِ، إِلَى التَّفَرُّقِ، وَالتَّشَتُّتِ، وَالضَّيَاعِ، (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ)

     أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْعِيدِ لَهَجَتِ الأَلْسُنَ بِتَكْبِيرِ اللهِ، فِي بُيوتِ اللهِ، وَفِي الْـمَنَازِلِ، والطُّرُقَاتِ، وَفِي الأَسْوَاقِ، وفِي مُصلياتِ العيدِ، يَأْتَـمِرُ الْـمُكَبِّـُرونَ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى:(وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) لَقَدْ تَشَنَّفَتِ الأَسمَاعُ ، وعِبادُ الرَّحمَنِ يُحْيُونَ سُنَّةً عَظِيمَةً، سُنَّةَ التَّكْبِيرِ، يَلهَجُونَ بِالتَّكْبِيرِ فِي كُلِّ فِجَاجِ الأَرْضِ، فَشِعَارُنَا مِنْ لَيلِ العِيدِ التَّكبيرُ:(اللهُ أَكْبَرُ ، اللهُ أَكْبَرُ ،اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا)، وَتِلْكَ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ تَسْتَـحِقُّ الشُّكْرَ وَالْحَمْدَ.

قَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) فَهَذِهِ الآيةُ العظيمةُ مُرْشِدَةٌ للتَّأَسِّي بِرَسُولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في أقوالِهِ وأفعالِهِ وأَحْوَالِهِ، فَهُوَ الرَّحْـمَةُ الْمُهْدَاةُ لِلْعَالَمِيـنَ، وَالْـهَادِي بِإذنِ اللهِ للنَّاسِ أَجْـمَعِيـنَ. 

وَالنَّبِـيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُدْوَةٌ لَا مَثِيلَ لَـهَا فِي التَّوَاضُعِ، وَفِي جَـمِيعِ شُؤُونِ الْـحَيَاةِ الْـحَسَنَةِ، وَفِي جَـمِيعِ الطُّرُقِ الْمُوَصِّلَةِ لِرِضَا اللهِ وَالْـجَنَّةِ؛ فَهُوَ أُسْوَةٌ لَا شَبِيهَ وَلَا نَظِيـرَ لَهُ، فَمَا عَرَفَ التَّارِيخُ مِثْلَهُ، وَلَا قَبْلَهُ، وَلَا بَعْدَهُ.

    وَمَا فَقَدَ الْمَاضُونَ مِثْلَ مُـحَمَّدٍ                                      وَلَا مِثْلُهُ حَتَّـى الْقِيَامَةِ يُفْقَدُ

عِبَادَ اللهِ، لَقَدِ استَجَابَ النَّبِـيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ)، حَيْثُ طَلَبَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَثْرِيَاءِ العَرَبِ، مَلَأَ الكِبْرِيَاءُ قُلُوبَهُمْ، وَأَنِفُوا أَنْ يُجَالِسُوا هَؤُلَاءِ الفُقَرَاءَ الضُّعَفَاءَ كَصُهَيٍبَ وَعَمَّارٍ وخبابٍ وَبِلَالَ؛ فَاِمْتَثَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَمْرِ اللهِ ؛ وَجَالَسَ الفُقَرَاءَ مِنَ الْمُؤْمِنِيـنَ، وَأَحْسَنَ مُعَامَلَتَهُمْ، وَكَانَ يَأْمُرُ بِالإِحْسَانِ إِلَى الفُقَرَاءِ وَالضُّعَفَاءِ وَالمَسَاكِينَ وَيَقُولُ: (إِنَّمَا تَنْصَرُونَ بِضُعَـفَائِكُمْ)، وَحِينَمَا هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ كَانَ هُوَ الَّذِي يَؤْوِي الفُقَرَاءَ، وَأَنْشَأَ لَهُمْ فِي المَسْجِدِ مَا يُسَمَّى بِالصُّـفَّـةِ، وَهِيَ مَكَانٌ يَأْوِي الفُقَرَاءَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ لَا مَأْوَى لَهُمْ؛ فَعُرِفُوا بِأَهْلِ الصُّـفَّـةِ، فَكَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، وَيَحُثُّ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ يَقْضِي حَاجَةَ المَسَاكِينِ، وَيَتَوَاضَعُ مَعَهُمْ.

وَحَدِيثُنَا اليَوْمَ عَنْ مَنْهَجِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي التَّعَامُلِ مَعَ المَسَاكِينِ، فَالرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي اِسْتَعَاذَ مِنْ الذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَسَأَلَ اللهَ الغِـنَـي، كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ؛ هُوَ القَائِلُ أيضًا: (اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِينِ يَوْمَ القِيَامَةِ)، رَوَاهُ التَّرْمِذِيُّ وَغَيْـرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. فَالْمَسْكَنَةُ الَّتِي اِسْتَعَاذَ مِنْهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ الَّتِي سَأَلَهَا اللهَ. فَأَرَادَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ فَالْمَسْكَنَةِ الَّتِي سَأَلَهَا اللهَ إِظْهَارَ تَوَاضُعِهِ وَاِفْتِقَارِهِ إِلَى رَبِّهِ إِرْشَادًا لِأُمَّتِهِ إِلَى الاِحْتِرَازِ مِنْ الكِبْـرِ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ أَيْضًا التَّنْبِيهَ عَلَى عُلُوِّ دَرَجَاتِ المَسَاكِينِ وَقِرَبِهِمْ مِنَ اللّهَ تَعَالَى ؛ فَهُوَ لَمْ يَسْأَلْ مَسْكَنَةً تَرْجِعُ لِلقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَالعَجْزِ وَالفَقْرِ، بَلْ مَسْكَنَةٌ للإخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ وَالخُشُوعِ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَسَوْفَ أَذْكُرُ نـَمَاذِجَ مِنْ تَعَامُلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ المَسَاكِيـنِ؛. حَيْثُ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجُلَيْبِيبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، اِمْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَار، فَاسْتَشَارَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ؛ فَقَالَتْ: مَا وَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا جُلَيْبِيبًا وَقَدْ مَنَعْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ؟ وسمعت الابْنَةُ مَقَالَةَ أُمِّهَا لأَبِيهَا؛ فَقَالَتِ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ؟ إِنْ كَانَ قَدْ رَضِيَهُ لي زوجًا، فَقَدْ رَضِيتُهُ. فَذَهَبَ أَبُوهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال يا رسول اللهَ: إِنْ كُنْتَ قَدْ رَضِيتَهُ زوجا لابنتي فَقَدْ رَضِينَاهُ. فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُهُ ". فَزَوَّجَهَا لَـهُ) وَأَصْلُ الـخَبَـرِ عِنْدَ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.. وَلَمْ يَقْتَصِرْ مَوْقِفُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ جُلَيبيبٍ عَلَى هَذَا التَّـزْويجِ فَقَطْ، بَلْ لَهُ مَعَهُ مَوَاقِفُ أُخْرَى عَظِيمَةٌ. فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ، فَأَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا، وَفُلَانًا، وَفُلَانًا، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا، وَفُلَانًا، وَفُلَانًا، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: «لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ» فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى، فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «قَتَلَ سَبْعَةً، ثُمَّ قَتَلُوهُ؟ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ» قَالَ: فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا سَاعِدَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَحُفِرَ لَهُ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلًا). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فَاُنْظُرْ - يَا رَعَاكَ اللهُ - إِلَى شِدَّةِ شَفَقَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أَصْحَابِهِ وَحِرْصِهِ عَلَيْهُمْ عَامَّةً، وَعَلَى المَسَاكِينِ خَاصَّةً. حَيْثُ حَرَصَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى تَفَقُّدِهِمْ بَعْدَ نِهَايَةِ المَعْرَكَةِ؛ لِيَعْرِفَ المَوْتَى وَالجَرْحَى، فَفَقَدَ جُلَيْبِيبًا الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَفْتَقِدُهُ وَيَسْأَلُ عَنْهِ. وَمِنْ شِدَّةِ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لجليبيبٍ؛ أَنَّهُ حَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهُ حَتَّى حُفْرَتِ لَهُ حُفْرَةٌ، وَلَكَ أَنْ تَتَخَيَّلَ هَذِهِ المُدَّةَ الطَّوِيلَةَ الَّتِي يَحْفِرُونَ فِيهَا القَبْرَ، وَهُوَ يَحْمِلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، على يديهِ حُبًّا لَهُ. 

وَمِنْ أَمْثِلَةِ حُبِّهِ الشَّدِيدِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِلْمَسَاكِيـنِ؛ تِلْكَ الْقِصَّةُ الْعَجِيبَةُ؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعبَّاسٍ: «يَا عَبَّاسُ، أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا» فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبريرة: «لَوْ رَاجَعْتِهِ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ» قَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ(). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

فَاُنْظُرْ كَيْفَ تَعَامَلَ الرَّسُولُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ،مَ مَعَ هَؤُلَاءِ المَسَاكِينِ، وَإِنَّكَ لِتَعْجَبَ وَاللهِ مِنْ أُمُورٍ:

1- كَيْفَ عَلِمَ الرَّسُولُ بِمُشْكِلَةِ مُغِيثٍ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي خِضَمِّ مَشَاغِلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الكَثِيرَةِ ؟! وَقَارِنْ ذَلِكَ بِـمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَعَرَّفَ عَلَى مَشَاكِلِ أَهْلِ بَيْتِهِ؟

2- مُبَادَرَتُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِالشَّفَاعَةِ لِلمِسْكِينِ، دُونـَمَا طَلَبٍ مِنْهُ، وَهَذِهِ لِوَحْدِهَا مِنَ العَجَائِبِ، وَيَشْفَعُ لَهُ عِنْدَ أَمَةٍ لَمْ تُعْتَقْ إِلَّا مُنْذُ سُويعَاتٍ، بِـمَالٍ كَان لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي بَذْلِهِ.

3- وَالأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ مَوْقِفُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ رَدِّت بريرةُ شَفَاعَتَهُ؛ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي نَفْسِهُ شَيْئًا عَلَيْهَا. وَلَكُمْ أَنْ تَتَخَيَّلُوا عِظَمَ المَوْقِفِ. 

ورَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ». فَانظُرْ إِلَى مَنْهَجِ الْقُدْوَةِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَيْفَ تَعَامَلَ مَعَهَا بِرحْـمَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ، فَلَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا بِسَبَبِ نَقْصِ عَقْلِهَا، وَلَـمْ يَغْضَبْ مِنْهَا، وَلَا مِنْ وَلِيِّهَا، الَّذِي لَـمْ يَـمْنَعْهَا مِنَ الْـخُرُوجِ لِمُقَابَلَةِ الرَّسُولِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ وَخَاطَبَهَا بِطَيِّبِ الْقَوْلِ، بِقَوْلِهِ لَـهَا: (يَا أُمَّ فُلَانٍ)، وَاسْتَجَابَ – بِأبِي هُوَ وَأُمِّي - لِطَلَبِهَا، بَلْ وَجَعَلَ لَـهَا حُرِّيَّةِ اِخْتِيَارِ الزَّمَانِ والْمَكَانِ لِلْقَائِهِ، وَوَقَفَ مَعَهَا بِـجَانِبِ الطَّرِيقِ، وَتَلَطَّفَ مَعَهَا بِالْكَلَامِ، وَاسْتَـمَعَ لِشَكْوَاهَا؛ ثُـمَّ حَقَّقَ لَـهَا طَلَبَهَا.

وكَانَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُـحْسِنُ مُعَامَلَةَ الْـخَدَمِ؛ حَتَّـى قَالَ لِـخَادِمِهِ رَبِيعَةَ بنِ كَعْبٍ: «سَلْ» فَقَالَ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: «أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ» قَالَ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَانظُرْ إِلَى تَبَاسُطِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ خَادِمِهِ، وَمُلَاطَفَتِهِ لَهُ، وَقِسْ نَـهْجَهُ ذَلِكَ بِـمَنْ يَأْنَفُونَ مِنَ الحَدِيثِ مَعَهُمْ، بـِحُجَّةِ أَلَّا يَتَجَرَّؤوا عَلَيْـهِمْ، أَوْ حَتَّى لَا تَفْتَحْ لَهُ بَابًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ نَصَائِحَ هِيَ قَطْعًا لِيْـسَتْ مِنْ مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ.

عِبَادَ اللهِ، لَا تَنْسَوا فِي عِيدِكُمْ هَذَا، الفُقَرَاءَ وَالمَسَاكِينَ، واقتَدُوا بِنَبِيِّكُمْ مُـحَمَّدٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتَصَدَّقُوا عَلَيْهِمْ، وَأَحسِنُوا إِلَيْهِمْ، وأَطْعِمُوهُمْ وَاِكْسُوهُمْ. واِرْحَمُوا العُمَّالَ، وَأَشْرِكُوهُمْ فَرْحَتَكُمْ وَلَا تُحَمِّلُوهُمْ مَا لا يَطِيقُونَ، وَلَا تَتَعَامَلُوا مَعَهُمْ وَكَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ جِنْسِ الْبَشَرِ، فَلَا فَرْحَةَ لَهُمْ عِنْدَ بَعْضِنَا -هَدَانَا اللهُ وَإِيَّاهُ- بِالْعِيدِ؛ فَلَا لِبَاسَ جَدِيدَ لَـهُمْ، وَلَا تـَهْنِئَةً بِالعيدِ، فَمَا أَطْيَبَ أَنْ تُطْعِمَ خَادِمَكَ وَعَامِلَكَ مِنْ طَعَامِكَ ،وَتُـهَـنِّــأَهُ بِالعِيدِ. يَسِّرْ لَهُ الاِتِّصَالَ بِأَهْلِهِ، لِيُهَنِّأَهُمْ  وَيُهَنِّؤُهُ، وَلَا تَبْخَلْ عَليهِ، وَلا عَلَى نَفْسِكَ، بِدَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ لإِسْعَادِهِ، تُخَفِّفُ عَنْهُ بِعَطْفِكَ وَرَحْمَتِكَ فِرَاقَهُ أَهْلَهُ وَتَـرْحَـمُهُ؛ فَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ اللهُ. 

وَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ عَنِ العَامِلَاتِ فِي الْمَنَازِلِ، الَّلوَاتِي مَا دَفَعَهُنَّ لِلْعَمَلِ عِنْدَنَا إِلَّا الْعَوَزُ وَالْحَاجَةُ، وَشَظَفُ الْعَيْشِ، وَالْفَقْرُ وَالفَاقَةُ فِي بِلَادِهِمْ 

  عِبَادَ اللهِ، تَذَكَّرُوا فِي هَذَا الْيَوْمِ الأَيْتَامَ وَاِرْحَمُوهُمْ؛ فَبِرَحْمَتِهِمْ تَلِينُ القلوبُ القَاسِيَةُ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ : (وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْكُو قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: "أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلبُكَ، وَتُدْرِكَ حَاجَتَكَ؟ اِرْحَمِ الْيَتِيمَ، وَاِمْسَحْ رَأْسَهُ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ)، وَفِي رِوَايَةٍ:(وَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ) رَوَاهُ أَحْـمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

عِبَادَ اللهِ، اِسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، وَعَاشِرُوهُنَّ  بِـالمَعْرُوفِ وَأَدُّوا حَقَّ اللهِ لَهُنَّ، وَاِعْلَمُوا أَنَّهُنَّ خُلِقْنْ مِنْ ضِلَعٍ أَعْوَجَ ،إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تُقِيمُوهُ كَسَرْتُمُوهُ ، وَكُونُوا عَلَى رِقَابَةٍ بِتَرْبِيَةِ بَنَاتِكُمْ تَرْبِيَةً عَلَى نَهْجِ نِسَاءِ وَبَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِـجَمِيعِ الْمُسْلِمِـيـنَ فَاِسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

      الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى                                            

أَيَّتُهَا الأَخَوَاتُ الْمُؤْمِنَاتُ، اِتَّقِينَ اللهَ بِأَنْفُسِكُنَّ، وَحَافِظْنَ عَلَى بُيُوتُكُنَّ، وَحَافِظْنَ عَلَى الْجِلْبَابِ الْأَسْوَدِ الْمَهِيبِ، وَاِحْذَرْنَ دُعَاةَ الْفَسَادِ، وَأَرْبَابَ الشَّهَوَاتِ، الدَّاعِيـنَ إِلَى نَزْعِهِ. أَطِعْنَ الْأَزْوَاجَ بِغَيْرِ مَعْصِيَةِ اللهِ. أَيَّتُهَا الْأُخْتُ الْـمُسْلِمَةُ، الْـحَذَرَ الْحـذَرَ مِنَ اللِّبَاسِ الْعَارِي بَيـنَ الْمَحَارِمِ مِنَ الرِّجَالِ، أَوْ النِّسَاءِ؛ فَبَعْضُ النِّسَاءِ لَا تُبَالِي؛ فَتَخْرُجُ فِي مُـجَتَمَعَاتِ النِّسَاءِ وَبَيْنَ مَـحَـارِمِهَا؛ وَقَدْ كَشَفَتْ عَنْ فَخِذِهَا، أَوْ عَنْ بَعْضٍ مِنْهُ، وَبَعْضُهُنَّ تَكْشِفُ مَا بَيْـنَ سُرَّتِـهَا إِلَى صَدْرِهَا، وَبَعْضُهُنَّ تَكْشِفُ بَعْضَ صَدْرِهَا؛ فَأَصْبَحَ لِبَاسُهَا لِبَاسًا مُـحَرَّمًا. وَبَعْضُهُنَّ تَلْبَسُ الْـمَلَابِسَ الضَّيِّقَةَ الَّتِـي تُـحَجِّمُ جَسَدَهَا؛ وَقَدْ نَـهَى الإِسْلَاُم عَنْ ذَلِكَ؛ حَيْثُ نَـهَى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ ذَلِكَ؛ فَقِيلَ لَهْ : يَا أَمِيـرَ الْـمُؤْمِنِيـنَ، إِنَّـهَا لَا تَشِفُّ ! أَيْ : إِنَّـهَا لَا تُظْهِرُ لَوْنَ الْبَشْرَةِ ، فَقَالَ : لَكِنَّهَا تَصِفُ . فَمَا بَالَكَم بِلِبَاسٍ يَصِفُ وَيَشِّفُ ! تَدَّعِي صُوَيْحِبَاتُ هَذَا اللِّبَاسِ أَنَّ هَذَا هَوَ التَّقَدُّمُ والتَّمَدُّنُ، بَل والعَجِيْبُ أَنَّ المُحَافِظَةَ عَلَى اللِّبَاسِ المُحْتَشِمِ يَصِفْنَهَا بِالمُتَخَلِّفَةِ والقَرَوِيَّةِ، أَو كَبِيْرَةِ السِّنِ الجَّاهِلَة بِمَعْرِفَةِ المُوضَاتِ؛ فَأَصْبَحَ المَعْرُوفُ عِنْدَ بَعْضِهِنَّ مُنْكَرًا، وَالمُنْكَرُ مَعْرُوفًا، وَلَا َحَولَ وَلَا ُقُوَّةَ إِلَّا ِبالله! 

وَيَتَحَمُّلَ الآبَاءِ وَالأَزوَاجِ وَالأُمَّهَاتِ جُزءًا كَبِيـرًا مِنَ المَسؤُولِيةِ. وَكَذَلِكَ التُّجَارِ  الَّذِينَ يَتَسَابَقُونَ لِبِيْعْ هَذِهِ المَلَابِسِ، وَيُحْجِمُونَ عَن بَيْعِ المَلَابِسِ المُحْتَشِمَةِ، وَأَخْشَى -وِاللهِ - أَنْ يَنْطَبِقَ عَلَى بَعْضِ النِّسِاءِ قَوْلُه، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ 

فَالحَيَاءَ الحَيَاءَ؛ فَلَا تَلْبَسِي – أَيَّتُهَا الْـمُسْلِمَةَ- الضَّيقَ كَالبِنْطَالِ، فَلَيْسَ لَكِ أَمَامَ المَحَارِمِ مِنَ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ إِلَّا كَشْفُ الوَجْهِ، وَالسَّاعِدِ، واليَدِينِ، واَلقَدميِن، وَجُزْءٍ مِنَ السَّاقِ، بِلِبَاس ٍمُحْتَرَمٍ، يَجْلِبُ لَكِ وِلِمُجَالِسِيكِ الوَقَارَ؛ فَمَا جَلَبَتْ هَذِهِ الأَلبِسَةُ لَبِلِاِدِ الغَربِ؛ إِلَّا مَزِيدًا مِنَ الضَّياَعِ، وَاِحْذَرِي التَّقْلِيدَ، وَاِسْعِي إِلَى إِرْضَاءِ رَبِّ الْعَبِيدِ.

 حَمَاكِ اللهُ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَوَقَاكِ مِنْ كُلَّ فِتْنِةٍ، وَأَصْلَحَ لَكِ الزَّوجَ وَالْوَلَدَ، وَجَعَلَكِ صَالِحَةً تَقِيَّةً. 

اللهُمَّ تقَبَّلْ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ.       الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...