|

19 رمضان 1445 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

خُطْبَةُ إِقَامَةِ الشُّهُودِ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحِسَابِ

الْخُطْبَةُ الْأُولَى: 

عِبَادَ اللهِ؛ أَمَامَنَا يَوْمٌ مَهِيلٌ، وَيَوْمٌ عَظِيمٌ، سَوْفَ يُحَاسَبُ فِيهِ الْخَلَائِقُ..

وَتُقَامُ فِيهِ عَلَيْهِمُ الشُّهُودُ.. 

وَالْحِكْمَةُ -وَاللهُ أَعْلَمُ- مِنْ إِقَامَةِ الشُّهُودِ؛ لِبَيَانِ كَمَالِ عَدْلِ اللهِ؛ وَإِعْذَارِهِ لِلْعَالَمِينَ؛ لِذَا أَقَامَ عَلَيْهِمْ الشُّهُودَ، وَنَوَّعَ وَعَدَّدَ تِلْكَ الشُّهُودَ؛ وَكَثَّرَهَا؛ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْحِجَجُ؛ وَتُقَرَّ الْجُمُوعُ بِعَدْلِ اللهِ الْمُطْلَقِ؛ وَإِلَّا فَاللهُ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى عِبَادِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِأَسْرَارِهِمْ وَمَا يَخْفَى مِنْ أَعْمَالِهِمْ (وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ). 

وَالشُّهُودُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كُثْرٌ، وَمُتَعَدِّدُونَ، وَمُتَنَوِّعُونَ. 

وَمِنْهُمْ: مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِاللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. 

قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ).

فَالرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْفَ يَشْهَدُ عَلَى أُمَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. 

قَالَ تَعَالَى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، وَقَالَ تَعَالَى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئِنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئِنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ شَهِيدًا يَومَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثًا).

فَالرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهِيدٌ عَلَى أُمَّتِهِ وَعَلَى الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، قَاَل تَعَالَى: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيهِم مِّنْ أَنْفُسِهِم وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ تِبيَٰنًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ). 

وَفِي الصَّحِيحِ، قَاَل -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَجِيءُ نُوحٌ وأُمَّتُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ، فَيَقُولُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأُمَّتُهُ، فَنَشْهَدُ أنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَهُوَ قَوْلُهُ -جَلَّ ذِكْرُهُ-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}. وَالْوَسَطُ: الْعَدْلُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.

وقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ، وَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الثَّلَاثَةُ، وَأَكْثرُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَقَلُّ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بلَّغْتَ قَوْمَكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فيُدْعَى قَوْمُهُ، فَيُقَالُ: هَلْ بلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيُقَالُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فتُدْعَى أُمَّةُ مُحَمَّدٍ، فَيُقَالُ: هَلْ بلَّغَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: وَمَا عِلْمُكُمْ بِذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا بِذَلِكَ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بلَّغُوا، فَصَدَّقْنَاهُ، قَالَ: فَذَلِكُمْ قَولُهُ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا). أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه.

وَالرُّسُلُ شُهُودٌ عَلَى أَقْوَامِهِمْ، فَيَشْهَدُ كُلُّ رَسُولٍ عَلَى أُمَّتِهِ حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ. قَالَ تَعَالَى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ). فَإِذَا جَاءَ الرُّسُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُضِيَ بَيْنَهُمْ، وَسَمَّاهُ اللهُ تَعَالَى شَهِيدًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ).

فَنَبْعَثُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا الرَّسُولَ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ تَعَالَى: (وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَٰنَكُمْ فَعَلِمُوٓاْ أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ). 

وَسَوْفَ تَكُونُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاهِدَةً عَلَى الْخَلْقِ، قَالَ تَعَالَى: (وَتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ فَأَقِيمُوا ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوْلَىٰكُمْ فَنِعْمَ ٱلْمَولَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ).

وَقَالَ تَعَالَى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).

وَالْمَلَاِئكَةُ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- سَوْفَ يَكُونُونَ شُهُودًا عَلَى النَّاسِ، قَالَ تَعَالَى: (وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ). 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ (أَيْ: مَلَكًا يَسُوقُهُ لِلْمَحْشَرِ، وَمَلَكًا يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِأَعْمَالِهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَقَالَ قَرِينُهُ هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ).

 قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاهُ-: (فَالسَّائِقُ أَحْضَرَهُ إِلَى عَرْصَةِ الْحِسَابِ؛ فَلَمَّا أَدَّى الشَّهِيدُ مَا عَلَيْهِ؛ أَمَرَهُمَا اللهُ تَعَالَى بِإِلْقَائِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَبِئْسَ الْمَصِيرُ). 

قَالَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَحِكَ، فَقَالَ: (هَلْ تَدْرُونَ مِمَّا أَضْحَكُ)؟ قَالَ: قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (مِنْ مُخَاطَبَةِ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ فَقَالَ: فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَسِيبًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا)، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَسَوْفَ تَشْهَدُ جَوَارِحُ الْإِنْسَانِ عَلَيْهِ، فَسَوْفَ تَشْهَدُ الْأَلْسُنُ، وَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ، وَالْأَسْمَاعُ، وَالْأَبْصَارُ، وَالْجُلُودُ. 

قَالَ تَعَالَى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ). وَقَالَ تَعَالَى: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّىٰٓ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُم وَأَبْصَٰرُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعمَلُونَ)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ).

وَقَالَ تَعَالَى: (ٱليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰٓ أَفوَٰهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِم وَتَشْهَدُ أَرجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ). 

 وَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَحِكَ، فَقَالَ: (هَلْ تَدْرُونَ مِمَّا أَضْحَكُ؟) قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْني مِنَ الظُّلْمِ؟ قَاَل: يَقُولُ: بَلَى، قَالَ: فَإنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إلَّا شَاهِدًا مِنِّي، فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، فيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، ثمَّ يُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ، وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَسَوْفَ تَكُونُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ حِينَ رَأَى الْعَبْدُ الْحَقَّ؛ وَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ اللهَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَرَأَى كُلَّ مَا عَمِلَ مَكْتُوبًا فِي صَحِيفَتِهِ، وَقَامَتْ عَلَيْهُ الشُّهُودُ حَتَّى مِنْ نَفْسِهِ، وَرَأَى أَنَّهُ لَا بُرْهَانَ لَهُ وَلَا حُجَّةً؛ أَقَرَّ وَاعْتَرَفَ بِمَا جَنَى وَاقْتَرَفَ؛ قَالَ تَعَالَى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ). وَالْأَرْضُ سَوْفَ تَكُونُ شَاهِدَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ أَذْنَبَ عَلَيْهَا: 

قَالَ تَعَالَى: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا)، قَالَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟) قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (أَخْبَارُهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا؛ أَنْ تَقُولَ عَمِلَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا؛ قَالَ: فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ التِّرمِذيُّ حَدِيْث حَسَن.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

**********

———— الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:—————

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أمَّا بَعْدُ... 

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

عِبَادَ اللهِ؛ وَأَعْظَمُ شَهَادَةٍ هِيَ شَهَادَةُ اللهِ سُبْحَانَهُ الْعَظِيمُ، فَهَذِهِ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ لِكُلِّ مُجْرِمٍ، وَلِكُلِّ جَبَّارٍ، فَهُو لَا يَسْتَطِيعُ إِنْكَارًا، وَلَا تَكْذِيبًا يَوْمَ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَعْظَمُ شَهِيدٍ؛ الْقَوِيِّ الْعَزِيزِ الْمُحِيطِ. 

قَالَ تَعَالَى: (قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا). وَقَالَ تَعَالَى: (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ). وَقَالَ تَعَاَلى: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِنْ قُرْءَانٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِنْ مِّثقَالِ ذَرَّةٍ فِي ٱلْأَرْضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَآ أَصْغَرَ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَآ أَكبَرَ إِلَّا فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ). وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ). 

فَعَلَيْنَا عِبَادَ اللهِ أَنْ نُعِدَّ لِلْأَمْرِ عُدَّتَهُ، وَنَحْسُبُ حِسَابَهُ، وَقَانَا اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَوَالِدِينَا، وَذَرَارِينَا، وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ.