|

16 شوّال 1445 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

مَازَالَ حَدِيثُنَا مُتَوَاصِلًا عَنِ اِخْتِصَامٍ الملأ الأعلى،قَالَ تَعَالَى: (مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) ، فَعَلَامَ  كَانَ هَذَا الِاخْتِصَامُ ؟!

     قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: رَأَيْتُ رَبِّي،تَبَارَكَ وَتَعَالَى،فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ،فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ،قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ،قَالَ:فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ:فِي الكَفَّارَاتِ،قَالَ: مَا هُنَّ؟ قُلْتُ: مَشْيُ الأَقْدَامِ إِلَى الجَمَاعَاتِ، وَالجُلُوسُ فِي المَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَإِسْبَاغُ الوُضُوءِ فِي المَكْرُوهَاتِ، قَالَ: وَمَا الدَّرَجَاتُ ؟ قُلْتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الكَلَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ"( ) . 

وَتَحَدَّثْنَا قَبْلَ ذَلِكَ عَنِ الكَفَّارَاتِ،وَالْيَوْمَ نَتَحَدَّثُ عَنْ الدَّرَجَاتِ،وَأَوَّلُهَا إِطْعَامُ الطَّعَامِ.

إِنَّ إِطْعَامَ الطَّعَامِ مِنَ الْأَعْمَالِ الْعَظِيمَةِ، الَّتِي حَثَّ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ،

أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ»( ) .

    وَفِي إِطْعَامِ الطَّعَامِ أَجْرٌ جَزِيلٌ , مُدَّخَرٌ عِنْدَ اللهِ. قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّ اللَّهَ لَيُرَبِّي لِأَحَدِكُمْ التَّمْرَةَ وَاللُّقْمَةَ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ، حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ»( ). وَقَالَ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا؛ أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ: أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَلَانَ الْكَلَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى وَالنَّاسُ نِيَامٌ "( ) .  وَقَالَ رَسُولُ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ , أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي "( ) . 

       وَعَنْ عَائِشَةَ،رَضِيَ اللهُ عَنْهَا،أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَقِيَ مِنْهَا» ؟ قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا قَالَ: «بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا»( ). 

       وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنْ أَسْبَابِ النَّجَاةِ مِنْ أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ ، قَالَ تَعَالَى :{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورً} . وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ النَّجَاةِ مِنَ النَّارِ،قَالَ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ»( ) . وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الْجَنَّةِ،  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَأَفْشُوا السَّلَامَ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ»( ) .

     وجَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، فَقَالَ: « أَعْتِقِ النَّسَمَةَ، وَفُكَّ الرَّقَبَةَ» . فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَأَطْعِمِ الْجَائِعَ، وَاسْقِ الظَّمْآنَ "( ) .

قَالَ رَسُولُ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،:«مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ»( ) .

وَلَيْسَ عَجِيبًا أَنْ تَجْتَمِعَ كُلُّهَا فِي أَبِي بَكْرٍ,رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِفَضْلِ اِجْتِمَاعِهَا فِي اِمْرِيءٍ فِي يَوْمٍ !!فَهُوَ سَبَّاقٌ لِلْخَيْرَاتِ .

وَقَدْ يَتَسَائَلُ سَائِلٌ,مَاذَا نُطْعِمُ ؟

وَالْجَوَابُ :كُلُّ مَا يُؤْكَلُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ، فَمِنْ إِطْعَامِ الطَّعَامِ: سِقْيُ الْمَاءِ، فَالْمَاءُ طَعَامٌ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة: 249].

وَكَذَلِكَ عَلَيْكَ تَعَاهُدُ جِيرَانِكَ، فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ»( ) . وَالْحَذَرَ - كُلَّ الْحَذَرِ - مِنْ إِنْفَاقِ الرَّدِيءِ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [آل عمران 92] . 

وَإِنَّكَ لَتَعْجَبُ مِنْ مُسْلِمٍ إِذَا أَطْعَمَ نَفْسَهَ أَطْعَمَهَا مِن طَيِّبِ الطَّعَامِ ، وَإِذَا تَصَدَّقَ تَصَدَّق بِالرَّدِيَء ، فَهَلْ أَنْفَقَ هَذَا مِمَّا يُحِبُّ ؟! 

     وَمِثَالُ ذَلِكَ : إِذَا اِشْتَرَى لِنَفْسِهِ لَحْمًا؛تَخَيَّرَ أَجْوَدَ الْأَنْوَاعِ وَأَطْيَبَهَا،وَإِنْ غَلَا ثَمَنُهَا ، وَإِذَا اِشْتَرَى الَّلحْمَ للتَّصَدُّقِ بِهِ ، اِشْتَرَاهُ مُبَرَّدًا أَوْ مُجَمَّدًا ، لَا يُطِيقُ النَّظَرَ إِلَيْهِ ، فَضْلًا عَنْ أَنْ  يَأْكُلَهُ . وَإِذَا اِشْتَرَى لِنَفْسِهِ طَعَامًا تَخَيِّر أَنْظَفَ الْمَطَاعِمِ الَّتِي يَثِقُ فِي جَوْدَةِ مَا تُقَدِّمُهُ ، أَمَّا إِذَا اِشْتَرَاهُ للتَّصَدُّقِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَإِنَّ الْأَمْرَ يَخْتَلِفُ ؛ فَتَجِدُهُ يَتَعَاقَدُ مَعَ مَطَاعِمَ رَدِيئَةٍ ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ سِعْرًا ، وَلَوْ طَلَبْتَ إِلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا لَامْتَنَعَ ؛ ثُمَّ يُقْنِعُ نَفْسَهُ بِحُجَجٍ لَا تُفِيدُهُ .

      وَسَبَبُ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [البقرة 267] ، قَالَ البَرَاءِ،رضِيَ اللهُ عَنْهُ: «نَزَلَتْ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، كُنَّا أَصْحَابَ نَخْلٍ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي مِنْ نَخْلِهِ عَلَى قَدْرِ كَثْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِالقِنْوِ وَالقِنْوَيْنِ؛ فَيُعَلِّقُهُ فِي المَسْجِدِ، وَكَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا جَاعَ أَتَى القِنْوَ؛ فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ؛ فَيَسْقُطُ مِنَ البُسْرِ وَالتَّمْرِ فَيَأْكُلُ، وَكَانَ نَاسٌ مِمَّنْ لَا يَرْغَبُ فِي الخَيْرِ، يَأْتِي الرَّجُلُ بِالقِنْوِ فِيهِ الشِّيصُ وَالحَشَفُ وَبِالقِنْوِ قَدْ انْكَسَرَ فَيُعَلِّقُهُ» أَيْ : يَأْتِي بِالتَّمْرِ الرَّدِيءِ الْيَابِسِ ، الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} قَالُوا: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ مِثْلُ مَا أَعْطَى، لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَّا عَلَى إِغْمَاضٍ أَوْ حَيَاءٍ» . قَالَ:«فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ يَأْتِي أَحَدُنَا بِصَالِحِ مَا عِنْدَهُ»( )  . وَعَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يُعْنَى بِإِكْرَامِ الضَّيْفِ بِتَقْدِيمِ أَطْيَبِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الطَّعَامِ، فَهَذَا مَنِ الإِيمَانِ قَالَ تَعَالى : ( لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ) ، وَحِينَمَا نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ أَضْيَافًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ،وَكَانُوا فِي صُورَةِ بِشَرٍ، مَاذَا فَعَلَ ؟ قَالَ تَعَالَى:( فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ) ، أَيْ : اِنْسَلَّ مُسْرِعًا إِلَى أَهْلِهِ ، فَأَحْضَرَ أَفْضَلَ مَا لَدَيْهِ ، أَحْضَرَ عِجْلًا سَمِينًا  .

 وَقَدْ حَضَّنَا دِينُنَا عَلَى إِطْعَامِ الْمِسْكِينِ، وَتَقْدِيمِ الاِفْطَارِ للصَّائِمِ،وَجَعَلَ لَكَ أَجْرًا فِي اللُّقْمَةِ الَّتِي تَجْعَلُهَا فِي فِيِّ اِمْرَأَتِكَ  قَالَ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِيِّ امْرَأَتِكَ»( ). 

    بَلْ إِنَّ اِحْتِسَابِ الْأَجْرِ عِنْدَ إِطْعَامِ الطَّعَامِ لِلأَهْلِ؛ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ غَيْرِهِ ؛ لِمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ»( ).قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ،رَحِمَهُ اللهُ، :" أَكْثَرُ النَّاسِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ - يَعْنِي النَّفَقَةَ عَلَى الْعِيالِ - طَبْعًا وَعَادَةً ، لَا يَبْتَغُونَ بِهِ وَجْهَ اللهِ ، يَتَصَدَّقُ أَحَدُهُمْ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ عَلَى الْمِسْكِينِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ،وَنَحْوِ ذَلِكَ ، لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى ، فَيَجِدُ طَعْمَ الْإِيمَانِ وَالْعِبَادَةِ للهِ ، وَيُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ أُلُوفًا فَلَا يَجِدُ فِي ذَلِكَ طَعْمَ الْإِيمَانِ وَالْعِبَادَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْهُ لِوَجْهِ اللهِ " ، فَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَسْتَحْضِرَ النِّيَّةَ وَهُوَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ ، وَأَنْ يَحْتَسِبَ الْأَجْرَ عِنْدَ اللهِ ؛ حَتَّى يَكُونَ إِنْفَاقُهُ عِبَادَةً، لَا عَادَةً، وَهَذَا مِنْ تَمِامِ عَدْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُجَازِيَ مَنْ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ دُونَ إِسْرَافٍ ؛ لِأَنَّهُ إِنْ قَصَّرَ فِي الْإِنْفَاقِ ؛ سَيُحَاسِبُهُ اللهُ ، قَالَ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ»( ). وَمَعْنَاهُ : مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ أَنْ يُضَيِّعَ الْمَرْءُ مَنْ يَعُولُهُمْ أَوْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهٌمْ،فَيَتْرُكُهُمْ بِلَا نَفَقَةٍ،أَوْ يُضَيِّقُ وَيُقَتِّرُ عَلَيْهِمْ.  

وَوَرَدَ التَّرْهِيبُ مِنْ عَدَمِ الْحَضِّ عَلَى إِطْعَامِ الطَّعَامِ، أَوْ مَنْعِهِ:

قَالَ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا  مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ: اليَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ "( ).

فَعَدَمُ التَّوَاصِي بِذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْكَافِرِينَ ..

قَالَ تَعَالَى فِي صِفَاتِ مَنْ أُوتِي كِتَابَهُ بِشَمَالِهِ- :{ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقة: 30-34] ، وقال سُبْحَانَهُ:{ كَلا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الفجر: 17-18].وَقَالَ : {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحَضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}

 [الماعون: 1-3].

أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَنَا لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، وَيُيَسِّرَ لَنَا الْعَمَلَ بِهَا.

--------------------------------------- 

قاله وكتبه:أبوعبد الإله الدكتور/صَالحُ بْنُ مُقبِلٍ العُصَيْمِيَّ التَّمِيمِيِّ 

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 

والمشرف العام على موقع االشيخ صالح بن مقبل العصيمي التميمي

تويتر ، وفيس بوك DrsalehAlosaimi@ 

الرياض -  ص.ب 120969 الرمز 11689

فاكس وهاتف : 012414080 

البريد الإلكتروني

s555549291@gmail.co