|

19 رمضان 1445 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

بسم الله الرحمن الرحيم

شبهات وردود حول الرياضة النسائية

بقلم الدكتور/ صالح بن مقبل عبد الله العصيمي التميمي

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فقد كثر في الآونة الأخيرة إثارة قضية إنشاء الأندية الرياضية النسائية، والمطالبة بإقرار مادة التربية الرياضية في مدارس البنات، محتجاً أصحاب هذه المطالبات بحجج، ومستدلين بأدلة لا يُسلم لهم بها. وسوف أتحدث أولاً عن إقرار مادة التربية الرياضية في المدارس، وأقول مستعيناً بالله :

1-إن المسمى الحقيقي لهذه المادة هو: التربية البدنية؛ لأن المقصود بها: إعطاء الطالب نظرياً وسائل المحافظة على جسده، والعناية بصحته، فالعاقل والمطلع يعي تماماً أن مادة التربية البدنية لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون وسيلة لبناء الجسم، وإنقاص الوزن، وإزالة الترهلات، فهي عبارة عن 21 ساعة في سنة كاملة، فماذا تغني هذه الإحدى والعشرين ساعة لإنقاص أوزان الطلاب الذين تصل أعدادهم غالباً في بعض الفصول إلى قرابة خمسين طالباً، ناهيك أن الطالب مطالب أن لا يخرج إلى حصة الرياضة إلا  بعد انتهاء الحصة، ويحتاج الطريق منه إلى مكان ممارسة اللعب خمس دقائق، وخمس دقائق أخرى لتبديل الملابس، على أن ينتهي قبل انتهاء الحصة بعشر دقائق على الأقل، حتى يتمكن من لبس الملابس، والعودة إلى الفصل، فلن يبق من الحصة إلا خمس وعشرون دقيقة، ينقسم فيها الطلاب إلى سبع مجموعات على الأقل، ولا تتمكن المجموعة الواحدة من ممارسة الرياضة أكثر من خمس دقائق، فهذا هو الواقع، لذا أصبحت هذه المادة مكروهة عند كثير من الطلاب، فهم يحملون هم إرتداء الملابس، وخلعها لمدة لا تكفي لإشباع نهمهم، والوقت لا يسعفهم للإستمتاع باللعب، خاصة البدناء منهم، الذين يحتاج الواحد منهم إلى عشر دقائق على الأقل للبس الملابس الرياضية، ولا يمكن أن يزاد بحصصها نظراً لضغط المواد؛ بل حتى لو زيدت الضعف فستكون النتيجة كما هي، فبدلاً من الممارسة خمس دقائق زادت إلى عشر دقائق، فهذه دقائق معدودة لا تغني ولا تسمن محبي اللعب من جوع، ففائدتها إذن للطلاب غير ممكنة، فكيف بالطالبات ؟  إذن فدعوى إرادة استفادتهن من هذه الحصة كما استفاد الرجال دعوى باطلة يرفضها العقل والواقع، فالرجال لم يستفيدوا منها بتخفيف الأوزان، بل ولا أظن أحد يرضى أن تتحول المدارس، ومعاقل التعليم من مدارس تعطي الطلاب العلوم والمعرفة إلى مصحات لإنقاص الأوزان وكأنها مصحات (التشيك) وغيرها، فالمدارس ما أسست لهذه المسائل، ومسألة زيادة الوزن ونقصه تعود إلى طبيعة جسد الإنسان،  وتغذيته، فهناك عدد من الرياضيين بدناء مع ممارستهم الرياضة عدة ساعات في اليوم، ومع ذلك لم يستطيعوا إنزال أوزانهم، فالقضية في الأصل قضية تثقيف ، وأظن لو جعلت هذه المادة بإسم التثقيف الصحي، لكانت أجدى وأنفع، فالمدارس ما وضعت أصلاً لتخريج لاعبين،  ولا رشيقين، بل هي وضعت أصلاً للعلم والتربية، أما الرياضة فهناك جهات مسئولة عنها. إن دخول حصة الرياضة في مدارس البنات يقتضي أن تخلع الطالبة الملابس في المدرسة، وتلبس الملابس الرياضية، وهذا يخالف ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى) –رواه أبو داود ورقمه 4010 من حديث عائشة   ـ رضي الله عنها – وكون المرأة تهتك ما بينها وبين الله تعالى، ليس ذلك بالأمر الهين، الذي يستهان به ويدعى إليه.

2- دخول حصة التربية البدنية إلى المدارس قد يفقد الفتاة أنوثتها، ورقتها ويميل بها إلى الصلابة وطبيعة الرجال، وهذا منهي عنه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء) – رواه البخاري (5436) -.

والمترجلات من النساء يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في زيهم وهيئتهم ، اعتقاداً منهن أنها تؤثر على أنوثتهن، وتؤكد التقارير الصحية أن أعمال المنزل العادية من أفضل أنواع الرياضة التي تناسب تكوين المرأة – انظر كتاب دنيا ص30 ، مالك الأحمد

3-حصة التربية البدنية تجعل الطالبة تلبس الملابس الضيقة، أو الشفافة، أو القصيرة، وهذا يجعلها عرضة للوعيد الذي رواه مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما،و ذكرَ (ونساء كاسيات، عاريات، مميلات مائلات، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) –رواه مسلم ورقمه (2128)-. والمرأة منهية عن الضيق وقيل لعمر إنه لا يشف فقال: لكنه يصف.

4-والعجيب أن هناك من يدعو إلى ممارسة المرأة للرياضة مستدلاً بأن: عائشة-رضي الله عنها-سابقت النبي صلى الله عليه وسلم، كما رواه أحمد، وغيره، بسند صحيح وهذه شبهة وربي أوهى من بيت العنكبوت، والرد عليها بما  يلي:

أ-أن عائشة -رضي الله عنها- لم تسابق إلا زوجها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ([1]هو من باب ملاعبة الزوج لزوجته؟ قال –صلى الله عليه وسلم-: (( كل شيء يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا ثلاث: رمية عن قوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق )). فلم تسابق عائشة ـ رضي الله عنها ـ  حتى بنات جنسها، فكيف يجعل مثل هذا دليل؟!

ب-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ما جاء مبطل بدليل، إلا كان الدليل ضده لا معه. وهذا الحديث الذي استدلوا به ضدهم، لا معهم لأن في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يتقدموا، وهذا كله من أجل ألا تقع أبصارهم على عائشة -رضي الله عنها- وهي تسابقه وتلاعبه بل ولم يأمر النساء بالبقاء لمشاهدة هذا السباق.

جـ- ومن الأمور التي يردُ بها على من استدلوا بهذا الحديث ما أجمع عليه العلماء من أن المرأة لا يشرع لها الرمل ـ الإسراع في المشي ـ ، لا في الطواف، ولا في السعي في الحج والعمرة، مع أنها في أمور عبادة، وهذا دليل أكيد على أن المرأة ليس من خصائصها الإسراع بالمشي أمام الرجال وهذا دليل أكيد على أن عائشة لم تتسابق مع الرسول صلى الله عليه وسلم أمام الرجال.

5-أن المطالبة بإقرار حصة التربية الرياضية للبنات بحجة إنتفاع البنات من هذه الحصة بالتخلص من السمنة الزائدة، كلام يحتاج إلى برهان. ومن نظر إلى الطلاب وجد أن نسبة السمنة في الشباب، مع أنهم يمارسون الرياضة في المدرسة، وخارج المدرسة زائدة حيث بلغت كما ذكرت إحدى الدراسات نسبتها  في البالغين في المملكة 52 % و 18 % من المراهقين و 15 % من الأطفال دون سن المدارس، ذكرت ذلك (جريدة الرياض) في العدد 12942 فهل نفعتهم حصة الرياضة؟ أو خففت من شحومهم ولحومهم ؟ أم أنها مسألة ثقافة وعلم ومعرفة وخصائص أجساد.

6-أن إقرار حصة الرياضة،قد تسبب زوال أو ضعف الحياء لدى الطالبة، خاصة وهي تلبس تلك الملابس أمام زميلاتها، وجمال المرأة هو في حيائها. والمرأة كما قال صلى الله عليه وسلم (عورة) ـ رواه الترمذي، وقال حسن غريب ـ. فإذا خرجت المرأة من بيتها إلى حاجة فتخرج بشرط أن تراعي جانب العفة والحياء .

7-ليس للمدارس دور في وجود هذه السمنة، وليس لحصصها البدنية قلة أو كثرة في وجودها من عدمها فتعليم البنات له عندنا  ما يربو على الخمسين عاماً، ولم يشتكي الناس من سمنة بناتهم، إلا في العشرين سنة الأخيرة، فلماذا يحمّل التعليم مسؤولية السمنة بعدم إقراره مادة التربية المدنية للبنات؟ إن السمنة أسبابها كثيرة منها: التغذية الخاطئة، ومطاعم الوجبات السريعة المنتشرة، وعدم العناية بالصحة ، والمقاصف المدرسية التي ملئت بشتى أنواع الحلويات فجرامات قليلة منها تعوض ساعات من ممارسة الرياضة كما ذكر ذلك أهل الاختصاص . ونستطيع أن نتخلص من هذه السمنة من خلال ما يلي:

أ-الإقلال من الطعام، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطن حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث شراب وثلث لنفسه) –رواه أحمد برقم 17186 والترمذي برقم 2380 وقال: هذا حديث حسن صحيح- .

ب-الاستغناء عن الخادمة قدر المستطاع، أو مشاركتها بالأعمال المنزلية، في بيتها لما لها من الأثرالجيد على جسدها.

جـ-اقتناء المرأة الأدوات الرياضية في منزلها كالسيور المتحركة، والدراجات الثابتة، والتي لا يزيد ثمنها على ثمن جهاز محمول.

8-قد تكون هذه الحصة عاملاً مساعداً في انتشار ظاهرة الإعجاب المتزايدة في مدارس البنات خاصة، وهي ترى زميلتها التي تعجب بها بتلك الملابس الجميلة، والقوام الجذاب، فتزداد الفتنة فتنة والبلاء بلاء.

9-إن اعتماد مادة التربية البدنية في مدارس البنات يُعد البذرة الأولى لإقامة البطولات المدرسية، والجامعية، وهذا أمر متوقع الحدوث.

10-إرهاق أولياء أمور الطالبات بالمصروفات المالية، فالفتاة تحتاج إلى ملابس رياضية والأبناء كذلك، علماً أن الفتاة شديدة الاهتمام بلباسها، ومظهرها بل ورغبتها بالتجديد بعكس الشباب، وحالة كثير من الناس اليوم مع الأزمات الاقتصادية لا يخفى على أحد.

11-قد تصور الفتاة وهي بملابس الرياضة، أو أحياناً وهي تنزع لباسها لتلبس ملابس الرياضة، وآلات التصوير في هذا الوقت تعددت، فيمكن أن تلتقط الصورة من خلال جهاز الجوال دون أن تعلم الفتاة، وكم سيحدث من ضياع أعراض بسبب هذه الصورة.

12-إرهاق ميزانية الدولة، دون أن يكون له الأثر الكبير فستنفق أموال الدولة على المدربات، وعلى أدوات الرياضة، وعلى تهيئة المدارس لممارسة مختلف أنواع الرياضة، ونحوها من العقبات الموجودة الآن فهل تستحق هذه الساعات القليلة كل هذه الأموال لتنفق في أمر عديم الفائدة؟

13-أما من يطالبون بإنشاء أندية رياضية للمرأة ،  فهؤلاء  يقال لهم إن الأصل في المرأة القرار في البيت فلا تخرج إلا لحاجة كتعليم بنات جنسها، وتطبيبهم، أو قضاء حوائجها، أو صلة أرحامها، أو الخروج مع أهلها في نزه غير مختلطة، والأدلة في ذلك كثيرة منها:

أ-قال تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) ـ الأحزاب: 33 ـ.

ب -أمرت المرأة أن تؤدي الصلاة في بيتها في  أعظم أركان الإسلام العملية الصلاة فعن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني أحب الصلاة معك قال: (قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي) –رواه أحمد وغيره بسند حسن-.

جـ–وأعفيت أيضاً من أمور أخرى قد يكلفها التكليف بها الخروج من المنزل ومن أهمها النفقة فهي ليست مطالبة حتى بالنفقة على ذاتها، حيث أوجب الله على وليها: أباً، أو زوجاً، أو ابناً، أو أخاً، أو عماً، أو أقرب الورثة بأن ينفق عليها فقال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) النساء: 34 . كذلك لم يجب عليها الجهاد مع فرضيته في حالة بينها العلماء.

14-إن الذين يطالبون المرأة بالخروج لممارسة الرياضة لا يعلمون كم سيخسر المجتمع، بذلك الخروج! فمن يطالبون بخروجها عن سترها وعفافها وممارسة الرياضة والمشاركة في الأولمبيات أمام البشر أناس لا يريدون لها الخير، ولا لبيتها، فإذا كانوا يطالبونها بالعمل وممارسة الرياضة فكم يا ترى بقي للبيت وللأولاد وللزوج؟!

وأختم مقالي بفتوى لفضيلة شيخنا الشيخ العلامة الإمام محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- عندما سئل عن النوادي الرياضية النسائية، فأجاب ـ رحمه الله ـ :

نصيحتي لإخواني ألا يمكنوا نساءهم من دخول نوادي السباحة والألعاب الرياضية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث المرأة أن تبقى في بيتها فقال: وهو يتحدث عن حضور النساء للمساجد وهي أماكن العبادة والعلم الشرعي: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن) وذلك تحقيقاً لقوله تعالى: (وقرن في بيوتكن) [الأحزاب: 33] ثم إن المرأة إذا اعتادت ذلك تعلقت به تعلقاً كبيراً لقوة عاطفتها وحينئذ تنشغل به عن مهماتها الدينية والدنيوية، ويكون حديث نفسها ولسانها في المجالس، ثم إن المرأة إذا قامت بمثل ذلك كان سبباً في نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عن سوء عاقبتها إلا أن يمن الله عليها باستقامة تعيد إليها حياءها الذي جبلت عليه، وإني حين أختم جوابي هذا أكرر النصيحة لإخواني المؤمنين أن يمنعوا نساءهم من بنات، أو أخوات، أو زوجات أو غيرهن ممن لهم الولاية عليهن من دخول هذه النوادي، وأسأل الله أن يمن على الجميع بالتوفيق والحماية من مضلات الفتن إنه على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين [مجلة الدعوة، العدد (1765) ص 54].

قاله وكتبه:أبوعبد الإله الدكتور/صَالحُ بْنُ مُقبِلٍ العُصَيْمِيَّ التَّمِيمِيِّ

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

والمشرف العام على موقع الشيخ صالح بن مقبل العصيمي التميمي

تويتر، وفيس بوك DrsalehAlosaimi@

الرياض - ص.ب: 120969 - الرمز: 11689

فاكس وهاتف: 012414080

البريد الإلكتروني: s555549291@gmail.com