|

10 شوّال 1445 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

إِنَّ التَّبيُّنَ والتَّثَبُّتَ فِي الأَخْبَارِ وَالْأَقْوَالِ،مِنْ أَهمِّ وَاجِبَاتِ المُسْلِمِ ، ليتَّقِيَ عَوَاقِبَ نَشْرِ الأَخْبَارِ الكَاذِبةِ،ومَا يَنتجُ عَنْهُ مِنْ أَضْرَارٍ سَيِّئَةٍ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ.

قَالَ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات: ٦] ، وَ قَالَ تَعَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ) [ النساء 945] ، وَإِذَا كانَ التَّبَيُّنُ والتَّثَبُّتُ وَاجِبًا عِنْدَ نَقْلِ أَيَّةِ أَخْبَارٍ؛ فَإِنَّهُ أَوْجَبُ عِنَدَ النَّقْلِ عَنِ النَّبِيَّ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،أَوْ عَنْ صَحَابَتِهِ الأَخْيَارِ، رِضْوَانُ اللهِ عَلْيهِمْ،فهنَاكَ الْعَدِيدُ مِنَ القِصَصِ وَالرِّوَايَاتِ الْمَكْذُوبَةِ، يَتَنَاقَلُهَا النَّاسُ عنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،حَتَّى صَارَتْ وَكَأَنَّهَا حَقَائِقُ لَا تَقْبَلُ الشَّكَّ بِسَبَبِ كَثْرَةِ تِكْرَارِهَا،بينمَا هِيَ مَحْضُ كَذِبٍ وَافتِرَاءٍ،ولو اِتَّبَعَ الوعَّاظُ، والخُطباءُ،والْكُتَّابُ,وَمُسْتَخْدِمُوا الْمِوَاقِعَ عَلَى شَبَكَةِ الإِنْتَرْنِتِ،وغيرُهُمْ،مَبْدَأَ التَّثَبُّتِ وَالتَّبَيُّنِ قَبْلَ التَّحدُّثِ بِهَا؛لَمَا اِنْتَشَرَتْ وَذَاعَتْ، وَإِليكُمْ بَعْضًا مِنْ هَذِهِ القِصَصِ :

1- اِشْتَهَرَ عَلَى ألْسِنَةِ بَعْضِ الْوُعَّاظِ،وَغَيْرِهِمْ خَبَرُ وَأْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،لِابْنَتِهِ فِي الْجَاهِليَّةِ،وَخُلَاصَتُهُ : كَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَالِسًا مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ،إِذْ ضَحِكَ قَلِيلاً،ثُمَّ بَكَى، فَسَأَلَهُ مَنْ حَضَرَ،فَقَالَ : كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَصْنَعُ صَنَمًا مِنَ الْعَجْوَة ، فَنَعْبُدُهُ،ثُمَّ نَأْكُلُهُ،وَهَذَا سَبُبُ ضَحِكِي. أَمَّا بُكَائِي،فَلِأَنَّهُ كَاَنتْ لِي اِبْنَةٌ،فَأَرَدْتُ وَأْدَهَا،فَأَخَذْتُهَا مَعِي،وَحَفَرْتُ لَهَا حُفْرَةً، فَصَارَتْ تَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ لِحْيَتِي،فَدَفَنْتُهَا حَيَّةً( ). 

وَهَذِهِ الْقِصَّةٌ يَتَنَاوَلُهَا الْكَثِيرُونَ دَونَ أَنْ يَتَثَبَّتُوا مِنْ صِحَّتِهَا،بَيْنَمَا هِيَ كَذِبٌ مَحْضٌ،وَتَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا الْإِسَاءَةَ لِعُمَرَ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،وَقَدْ أَوْرَدَهَا بَعْضُ الرَّافِضَةُ فِي كُتُبِهِمْ،وَنَقَلَهَا عَنْهُمْ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ،وَلَمْ يَشْتَهِرْ الْوَأْدُ فِي بَنِي عَدِيِّ،وَلَا أُسْرَةِ الْخَطَّابِ الَّتِي عَاشَتْ مِنْهَا فَاطِمَةُ أُخْتُ عُمَرَ،وَحَفْصَةُ أَكْبَرُ بَنَاتِهِ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ جَمِيعًا، وَقَدْ وُلِدَتْ حَفْصَةُ،رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَبْلَ الْبِعْثَةِ بِخَمْسِ سَنَوَاتٍ فَلَمْ يَئِدْهَا،فَلِمَاذَا وَأَدَ الصُّغْرَى الْمَزْعُومَةَ ؟ وَلِمِاَذَا اِنْقَطَعَتْ أَخْبَارُهَا فَلَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِهَا،وَأَخَوَاتِهَا ؟

وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مَكْذُوبَةٌ،عَدَمُ وُرُودِهَا فِي كُتُبِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ أَوْ كُتُبُ الآثَارِ وَالتَّارِيخِ ، وَلَا يُعْرَفُ مِنْ مَصَادِرِهَا إِلَّا مَا يُكَذِّبُهُ الرَّافِضَةُ الْحَاقِدُونَ،عَلَى عُمَرَ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَلَا حُجَّةٍ.

2- وَمِنَ الْقِصَصِ الْمَشْهُورَةِ، قِصَّةُ ثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ الصَّحَابِيَّ الْجَلِيلَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،الْمُفْتَرَى عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ لِلصَّلَاةِ،وَمَنْعِهِ للزَّكَاةِ، وَخُلَاصَتُهَا،أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِيَ مَالًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ، قَلِيلٌ تُؤَدِّي شُكْرَهُ، خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ لَا تُطِيقُهُ» قَالَ: ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِثْلَ نَبِيِّ اللَّهِ؟ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ تَسِيرَ مَعِيَ الْجِبَالُ ذَهَبًا وَفِضَّةً لَسَارَتْ» قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَئِنْ دَعَوْتَ اللَّهَ فَرَزَقَنِي مَالًا لَأُعْطِيَنَّ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْ ثَعْلَبَةَ مَالًا» . قَالَ: فَاتَّخَذَ غَنَمًا، فَنَمَتْ كَمَا يَنْمُو الدُّودُ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَةُ فَتَنَحَّى عَنْهَا،فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَأَتَيَا ثَعْلَبَةَ، فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَةَ، وَأَقْرَأَاهُ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ إِلَّا أُخْتُ الْجِزْيَةِ، انْطَلِقَا حَتَّى أَرَى رَأْيِي. فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُمَا قَالَ: «يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ» قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمَا،فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي صَنَعَ ثَعْلَبَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [التوبة: 75] إِلَى قَوْلِهِ: {وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 77] وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ أَقَارِبِ ثَعْلَبَةَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ كَذَا وَكَذَا، فَخَرَجَ ثَعْلَبَةُ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ صَدَقَتَهُ. فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ مَنَعَنِي أَنْ أَقْبَلَ مِنْكَ صَدَقَتَكَ» فَجَعَلَ يُحْثِي عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ لَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا عَمَلُكَ، قَدْ أَمَرْتُكَ فَلَمْ تُطِعْنِي» .وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ شَيْئًا.وَكَذِلِكَ الْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِهِ( ).

وَهَذِهِ الْقِصَّةُ يَرْوِيهَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ،دون تثبت من صحتها، وهي قصة ضعيفة جدًّا، سَنَدًا وَمَتْنًا،وَقَدْ ضَعَّفَهَا جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ : الْقُرْطُبِيُّ( )،وَالذَّهَبِيُّ( )،وَالْعِرَاقِيُّ( )،وَالأَلْبَانِيُّ( ).وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. هَذَا مِنْ نَاحِيَةِ السَّنَدِ،أَمَّا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَتْنِ: فِإِنَّ الْقِصَّةَ مُخَالِفَةٌ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ،وَلِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،حَيْثُ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ بِقُبُولِ تَوْبَةِ التَّائِبِ،مَهْمَا كَانَ عَمَلُهُ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ،أَوْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا،وَتُفِيدُ هَذِهِ الْقِصَّةُ أَنَّ الرَّسُولَ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،وَأَصْحَابَهُ الثَّلَاثَةَ،رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ،لَمْ يَقْبَلُوا تَوْبَةَ ثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ،كَمَا أَنَّهَا تُخَالِفُ الْأَحَادِيَث الْوَارِدَةَ عَنْ رَسُوِل اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي أَنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ،وَيُؤْخَذُ مِنْهُ شَطْرَ مَالِهِ .

3- وَمِنَ الْأَخْبَارِ الْمَكْذُوبَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ،رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ،ذّلِكَ الْخَبَرُ الْمَكْذُوبُ عَلَى الصِّدِّيقِ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،وَهُوَ قَوْلُهُ:"وَدِدْتُ أَنِّي شَعْرَةٌ فِي جَنْبِ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ"وَقَدْ ضَعَّفَتْ هَذَا الْأَثَرَ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ( ) وَهَذَا الأَثَرُ فِيهِ قَدْحٌ فِي خَيْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ،بَعْدَ نَبِيِّهَا،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَيَالِسُوءِ مَا نُسِبَ لَهُ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ. صِدِّيقُ الأُمَّةِ،وَأَحَدُ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ،بَلْ وَيَدْخُلُ مِنْ أَيْ أَبْوَابِهَا شَاءَ؛يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ شَعْرَةً فِي جَنْبِ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ؟! قَاتَلَ اللهُ الْكَذِبَ وَمُرَوِّجِيهِ.

4- وَمِنَ الآثَارِ الْمَكْذُوبَةِ مَا اِشْتَهَرَ عَنْ عُمَرَ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،أَنَّهُ قاَلَ: "لَوْ قِيلَ :كُلُّ النَّاسِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا رَجُلًا؛لَظَنَنْتُ أَنَّهُ أَنَا". لَقَدِ اِشْتَهَرَ هَذَا الْأَثَرُ عَلَى أَلْسِنَةِ كَثِيرٍ مِنَ الْوُعَّاظِ فِي بَابِ التَّرْهِيبِ وَالتَّخْوِيفِ مِنْ عَذَابِ اللهِ،وَقَدْ سُئِلَتْ عَنْهُ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ( )، فَقَالَتْ: "لَمْ يَثْبُتْ عَنْ عُمَرَ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِيمَا نَعْلَمُ،بَلْ هَذَا لَا يَتَّفِقُ مَعَ قُوَّةِ إِيمَانِ عُمَرَ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،وَحُسْنِ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ،وَرَجَائِهِ فِيهِ". قُلْتُ: بَلْ وَفِي هَذَا الْخَبَرِ تَمْيِيزٌ لِجَمِيعِ الْفُسَّاقِ عَلَى الْفَارُوقِ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،وَفِيهِ تَكْذِيبٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ.فَكَيْفَ يُظَنُّ بِعُمَرَ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،مِثْلُ هَذَا الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ،وُهُوَ الْمُبَشَّرُ بِجَنَّاتٍ وَنَهَرٍ؟!

5- وَمِنَ الْقِصَصِ الْمَكْذُوبَةِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،فَقَالَ: "يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عَائِذٌ بِكَ مِنَ الظُّلْمِ، قَالَ: عُذْتَ مُعَاذًا قَالَ: سَابَقْتُ اِبْنَ عَمْرِ بْنِ الْعَاصِ فَسَبَقْتُهُ، فَجَعَلَ يَضْرِبُنِي بِالسُّوطِ وَيَقُولُ: أَنَا اِبْنُ الْأَكْرَمَيْنِ؛ فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَمْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يَأْمُرُهُ بِالْقُدُومِ وَيَأْتِي بِابْنِهِ مَعَهُ، فَقَدِمَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَيُّهَا الْمِصْرِيُّ؟ خُذِ السُّوطَ فَاِضْرِبْ؛ فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِالسُّوطِ،وَيَقُولُ عُمَرُ: اِضْرِبْ اِبْنَ الْأَكْرَمَيْنِ، قَالَ رَاوِي الْقِصَّةِ: فَضَرَبَ، فَوَاللهِ؛ لَقْدْ ضَرَبَهُ وَنَحْنُ نُحِبُّ ضَرْبَهُ، فَمَا أَقْلَعَ عَنْهُ،حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ لِلْمِصْرِيِّ: ضَعْ عَلَى صَلْعَةِ عَمْرٍ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا اِبْنُهُ الَّذِي ضَرَبَنِي،وَقَدِ اِشْتَفَيْتُ مِنْهُ. فَقَالَ عُمَرُ لِعْمْرٍو: مُذْ كَمْ تَعَبَّدْتُمْ النَّاسَ وَقَدْ وَلَدَتْهُمْ أُمُّهَاتُهُمْ أَحْرَارًا؟! قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،لَمْ أَعْلَمْ، وَلَمْ يَأْتِنِي"( ).

وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْمَكْذُوبَةِ الَّتِي لَا سَنَدَ لَهَا،وَلَا مَصْدَرَ صَحِيحَ يُعْتَدُّ بِهِ،هَذَا مِنْ حَيْثُ السَّنَدِ،أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْمَتْنِ؛فِإِنَّ فِيهَا  طَعْنًا فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،بِالظُّلْمِ؛حَيْثُ آخَذَ عَمْرَ بْنَ الْعَاصِ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،بِذَنْبِ وَلَدِهِ،وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ :( وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )  [الأنعام: ١٦٤].بَلْ وَفِيهَا إِسَاءَةٌ لِصَحَابِيٍّ جَلِيلٍ سَعَى الرَّافِضَةُ لِتَشْوِيهِ اِسْمِهِ،فِي كُتُبِ أَدَبِهِمْ - وَلَا أَدَبَ فِيهَا - وَهُوَ فَاتِحُ مِصْرَ،وَأَحَدُ قَادَةِ الْإِسْلَامِ الْكِبَارِ الَّذِينَ أَرْسَوا الْعَدْلَ فِي الْأَرْضِ. 

وخلاصة القول أن هناك الكثير من القصص والأخبار والرويات التي لم تثبت ولا يصح روايتها،وما ذكرته من أمثلة ما هو إلا قليل من كثير وغيض من فيض،فوجب على الجميع التثبت والتبين عند نقل مثل هذه القصص،وإذا وجدنا من يردد مثل هذه الروايات المكذوبة فعلينا أن نبين له- بالرفق واللين- أن هذه الرويات لا سند لها،وإذا أصر على أنها صحيحة فليأت بالدليل على صحتها .

والله الموفق .

-----------------------------------

قاله وكتبه:أبوعبد الإله الدكتور/صَالحُ بْنُ مُقبِلٍ العُصَيْمِيَّ التَّمِيمِيِّ

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

والمشرف العام على موقع الشيخ صالح بن مقبل العصيمي التميمي

تويتر ، وفيس بوك DrsalehAlosaimi@

الرياض -ص.ب 120969 الرمز 11689

فاكس وهاتف : 012414080

البريد الإلكتروني: s555549291@gmail.com