|

7 شوّال 1445 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

رأيت رجلا يصنف عند الناس بأن ( فيه صِحْ) ،وإن شئت فقل: في عقله نقص، مع أناس يتندرون عليه، ويعطونه مقابل هذا التندر،وهذه السخرية، بعضًا من المال، ويدعون إنها صدقة! فعجبت لهذه العقول التي تسعد على حساب المساكين، وتضحك على حساب إيذاء المسلمين، وتذكرت في هذه اللحظات، الشرع العظيم، وموقفه من هذا العمل:

١- قال الله عزوجل: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيم)

فهؤلاء قدموا صدقة لهذا المسكين، على حساب مشاعره، وفاقته، ولعلهم ساهموا في مزيد من نقص عقله، فهل هذه صدقة ؟

٢-فالتندر على الإنسان ؛ بسبب نقص عقله، والسخرية به، لا يجوز شرعا، ويأثم فاعله، وما يعطونه لهذا الرجل وأمثاله ،ليس صدقة، فقد جلس معهم لمنفعة لهم٠

وربط الصدقة بجلوسه معهم، يخرجها من كونها صدقة، وهم بصدقتهم بهذه النية ،قد حرموا أنفسهم من الأجر الأخروي، وربما كانت

صدقتهم هذه حسرة عليهم، وأخشى عليهم من إرادتهم هذه ، من ان يصدق عليهم ، قوله تعالى{مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} وقوله تعالى:{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} ولو أرادوا الصدقة حقيقة؛ لأعطوها له دون إشتراط جلوسه معهم والتندرعليه ،وأذيتهم له ،بسخريتهم به٠

٣-وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمَْ}

فلعل هذا المسكين، خير من هؤلاء الساخرين، فهم يرفهون على أنفسهم، على حساب غيرهم ،هداهم الله٠

٤- وهؤلاء الضعفاء،قد يكونون من أسباب النصر، ففي الصحيح،رأى سعدٌ -رَضِيَ اللهُ عنهُ -أنَّ لهُ فضلًا على من دونِهِ ، فقال النبيُّ ،صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( هل تُنصرونَ وتُرزقون إلَّا بضعفائكم )رواه البخاري٠ 

٥- عندما أقارن تعاملهم مع هذا الضعيف وأمثاله، بتعامل خليل ربنا ،محمد بن عبد الله،صلى الله عليه وسلم، مع من في عقولهم شيء .أجد البون شاسعًا، والمسافة بعيدة، ففي صحيح مسلم - رحمه الله-(أنَّ امرأةً كان في عقلِها شيٌء . فقالت : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ لي إليكَ حاجةً . فقال ،صلى الله عليه وسلم،  : "يا أم فلانٍ، انظري أي السككِ شئتِ، حتى أقضي لكَ حاجتِكِ " فخلا معها في بعضِ الطرقِ حتى فرغتْ من حاجتِها)

٦- فانظر إلى منهج القدوة،صلى الله عليه وسلم، كيف تعامل معها برحمته المعروفة، فلم يعرض عنها، ولم يغضب منها، ولا من وليها، بل استجاب لطلبها، وجعل لها اختيار الزمان، والمكان، وحقق لها مرادها، وخير الهدي :هدي محمد ،صلى الله عليه وسلم .

٧-والمسلم لا يجعل سعادته على حساب مشاعر غيره، لا على الذين في عقولهم شيء، ولا الفقراء والمساكين، ولا غيرهم٠

٨-وتذكر- أخي المسلم _ أنك موقوف بين يدي الله عز وجل، وسيسألك لماذا أهنت عبدي هذا ؟ قال تعالى({وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} 

٩-وقد يقول قائل: لكن هناك من يصطحبون معههم في نزههم، وأسفارهم من يسليهم بشعر من :قوله، أو منقوله، وقصص؛ لينال منهم مقابل ذلك بعض المال.

فأقول: لا، ليس هذا مثل ذاك، فهذا يقدر ويحترم، ولا يضحك على خلقه، ولا على عقله، بل له عندهم التقدير والتبجيل . 

فهو يسليهم ،ولا يتسلون به، ولايضحكون عليه، ولو ضحكوا عليه شخصيًا؛ لتركهم، بينما الآخر المسكين ليس له حول ولاقوة معهم٠

١٠-أعزهم الله، وأذلوهم،

قال الله تعالي {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}

وأكرمهم الله ،وأهانوهم، قال الله تعالى،((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}

فهل بعد هذا العمل المهين ،والمذل للإنسان، إهانة وإذلال؟

١١-فلنتق الله عز وجل في أنفسنا ٠وأسأل الله لي ولجميع المسلمين، التوفيق والسداد، وصلی الله وسلم ،على نبينا محمد ،صلى الله عليه وسلم،وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا٠

=============================

قاله وكتبه:أبوعبد الإله الدكتور/صَالحُ بْنُ مُقبِلٍ العُصَيْمِيَّ التَّمِيمِيِّ

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

والمشرف العام على موقع الشيخ صالح بن مقبل العصيمي التميمي

تويتر ، وفيس بوك Dr.salehAlosaimi@

الرياض -  ص.ب 120969 الرمز 11689

فاكس وهاتف : 012414080

البريد الإلكتروني: s555549291@gmail.com